لن تفرض أميركا على إسرائيل تسوية مع الفلسطينيين بعد الاتفاق الموقت مع إيران
تاريخ المقال
المصدر
- في هذه الأيام تسود أجواء احتفالية في البيت الأبيض، ليس بسبب عيد الشكر فقط. ففي نظر الإدارة الأميركية، يشكل توقيع الاتفاق الموقت مع إيران انطلاقة أساسية لتعزيز عودة أوباما إلى السياسة الأميركية الداخلية من دون الخوف من التصعيد والمواجهة في جبهة الخليج.
- لكنه من غير المستبعد أن تزول موجة التفاؤل بسرعة، وتتحول في الذاكرة الجماعية إلى وهم مثل الأوهام الأخرى التي صنعها أوباما، لتتحطم على أرض الواقع المتمرد.
- يجب ألا ننسى أننا أمام اتفاق يخضع في جزء منه لتأويلات مختلفة وخلاقة من شأنها أن تضع العقبات أمام مساعي الرئيس الأميركي لحشد التأييد الشعبي وداخل الكونغرس لسياسته التصالحية إزاء إيران، في سياق خطته إلى حل دائم. وينطبق هذا على سبيل المثال على استعداد الأميركيين للسماح لإيران باستكمال أعمال البنى التحتية والبناء في موقع مفاعل البلوتونيوم في أراك، ما سيمنح إيران الهامش المطلوب كي تقضم وتنتهك بصورة رمزية، قرار منع استخدام المفاعل الذي فرضه الاتفاق.
- وعندما سيتضح للجمهور الأميركي ولممثلي مجلس الشيوخ أن إيران مصرة على استغلال كل ثغرة في الاتفاق كي تتهرب من القيود المفروضة عليها، فعلى الأرجح، ستُختصر فترة الستة أشهر وهي فترة السماح التي منحها مجلس الشيوخ لأوباما، الذي سيضطر إلى اتخاذ خطوات صارمة في المستقبل القريب.
- ويتعين علينا ألا ننسى أن مجلس النواب الأميركي أصدر قانوناً جديداً في تموز/يوليو الماضي يفرض عقوبات جديدة وغير مسبوقة في قسوتها على طهران، خاصة في مجال الطاقة. فإذا قرر مجلس الشيوخ – حيث أغلبية الأعضاء من الحزبين ترى أن الاتفاق غير متوازن بالنسبة للتنازلات حيال إيران- أن يحذو حذو مجلس النواب، فإن هذا من شأنه أن يؤثر على هامش تحرك الإدارة حتى في الفترة الحالية وحتى مع امتلاك البيت الأبيض وسائل إدارية لعرقلة أو تأجيل دخول العقوبات الجديدة حيز التنفيذ، في حال أقرها مجلسا النواب والشيوخ.
- وإذا حدث ذلك، سيجد الرئيس الأميركي نفسه مع معاناته تراجعاً كبيراً في شعبيته، في موقف دفاعي ضد مواجهات مع بيئة داخلية معادية، بحيث يصبح من الصعب عليه في مثل هذه الظروف أن يمنح تأييده أو دعمه لأي خطوة إيرانية تهدف إلى إفراغ الاتفاق من مضمونه الفعلي.
- في مقابل الانتقادات الداخلية المتزايدة وفي ظل الضعف السياسي للبيت الأبيض، فإن الاستراتيجية المنتظرة حيالنا ستكون تهدئة مخاوف إسرائيل واقتراح سلة خطوات بانية للثقة في المجال الأمني، على أمل أن يمنح ذلك البيت الأبيض هدوءاً مصطنعاً في الساحة الداخلية الأميركية.
- في ضوء هذا، إذا طرحت على جدول الأعمال مبادرة وساطة أميركية جديدة على الصعيد الفلسطيني، من الصعب أن تكون مبادرة تسعى إلى فرض خطة تسوية على إسرائيل.
- وتدل تجربة الماضي بدءاً من خطة "ألفا" العائدة إلى سنة 1955 [وهي أول خطة أميركية للسلام بين العرب وإسرائيل]، مروراً بمبادرة الاتفاق المفروض سنة 1977، على أن كل محاولة لفرض تسوية على إسرائيل من طرف واحد مصيرها الفشل.