السلام الإسرائيلي- السوري سيحدث انعطافة استراتيجية إيجابية في الشرق الأوسط
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       ما زال الهدوء الأمني مستقراً، وخلال الأشهر الـ 11 الفائتة لم يُقتل إلاّ مواطن إسرائيلي واحد في تخوم الخط الأخضر جراء عملية إرهابية. كما أن الحدود الشمالية [مع لبنان] هادئة، وكذلك الحدود الجنوبية [مع قطاع غزة]، ولا توجد حرب في الأفق. وحتى الاقتصاد الإسرائيلي عاد إلى النمو في ظل حكومة بنيامين نتنياهو.

·       لكن بنظرة أعمق نرى أن هناك غيوماً متلبدة في السماء، فباكستان وأفغانستان تعانيان مشكلات كثيرة ذات أبعاد إقليمية أيضاً، والعراق يقترب من لحظة انسحاب القوات الأميركية منه، ومصر تقترب من نهاية عهد حسني مبارك، وهناك تنظيم القاعدة في اليمن وحزب الله في لبنان، وتركيا تلعب بالنار.

·       وعلى الصعيد الأقرب، فإن الأمن القومي الإسرائيلي تعرّض إلى التأكل خلال الأعوام الثلاثة الفائتة، وذلك في ثلاثة جوانب مختلفة.

·       الجانب الأول هو إيران، التي أصبحت، مع بداية سنة 2010، تملك 8000 جهاز طرد مركزي، منها 4000 جهاز تعمل بصورة جيدة. وهذا يعني أن إسرائيل فشلت في منعها من بلوغ العتبة النووية. وإذا ما أخذنا في الحسبان أن إيران لديها 1800 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب، فلا بُد من القول إن في إمكانها أن تنتج قنبلة نووية في غضون عام واحد.

·       الجانب الثاني هو الصواريخ، فمن المعروف أن حزب الله بات يملك، في بداية سنة 2010، نحو 40 ألف صاروخ يصل مدى بعضها إلى مئات الكيلومترات. ولا شك في أن المواجهة المقبلة مع [الأمين العام لحزب الله] حسن نصر الله لن تكون بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل فحسب، بل أيضاً بين العمق اللبناني والعمق الإسرائيلي. وإذا ما أضفنا إلى هذه المعادلة الصواريخ التي في حيازة "حماس"، وصواريخ سورية، والصواريخ الجديدة لدى إيران، فإن الصورة المتكونة تثير القلق الشديد. وعلى ما يبدو، فإنه منذ سنة 1948 لم تكن الجبهة الإسرائيلية الداخلية عرضة للتهديد مثلما هي الآن.

·       الجانب الثالث هو الشرعية الدولية، وفي هذا الشأن لا بُد من القول إن العالم ضاق ذرعاً بإسرائيل عقب عملية "الرصاص المسبوك" في غزة، ولذا فإنه لن يتحلى أبداً بالصبر إزاء أي لجوء إسرائيلي إلى استعمال القوة. ولم يعد واضحاً ما إذا كان في إمكان إسرائيل أن تترجم تفوقها العسكري في أي جبهة من الجبهات في المستقبل. وبالتالي، يمكن القول إن الهجوم الذي استهدف حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها قد مسّ كثيراً الردع والأمن والاستقرار.

 

·       إن دلالة هذه التطورات كلها واضحة للغاية، وهي أنه يتعين على إسرائيل، من جهة، أن تستعد بصورة جادة لاحتمال فرض جولة حربية أخرى عليها، لكن من جهة ثانية، عليها أن تبذل كل ما في وسعها كي تتجنب اندلاع أي مواجهة عسكرية. بناء على ذلك، فإن محاولة استئناف المفاوضات مع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس هي محاولة مباركة، لكن ليست كافية. إن الأمر الأكثر ضرورة الآن هو محاولة استئناف المسار السوري، لأن سلاماً إسرائيلياً ـ سورياً فقط من شأنه أن يحدث انعطافة استراتيجية إيجابية وفورية في الشرق الأوسط المتلبد بالغيوم.