· إن الثورة الخمينية في إيران آخذة في التفكك، وعلى ما يبدو، فإن العقوبات الدولية ستسرّع هذه العملية. لقد ارتكزت هذه الثورة على أربعة عناصر قوة رئيسية هي: الطلبة الجامعيون؛ التجـار؛ سكان المدن الكبرى؛ رجال الدين.
· خلال العام الفائت تفككت هذه العناصر الأربعة كلها، وانفصلت عن بعضها، وثمة شك فيما إذا كانت لا تزال مؤيدة للثورة. فالطلبة الجامعيون أصبحوا ألّد أعداء أكذوبة الثورة، وهذا ما شاهدناه قبل عام، في حين أن التجار قلقون للغاية إزاء عزلة إيران في العالم الآخذة في التفاقم أكثر فأكثر. أما سكان المدن الكبرى فكانوا أول من خرج إلى التظاهر ضد السلطة قبل عام، وهناك شك كبير فيما إذا كان رجال الدين، في معظمهم، ما زالوا يؤيدون الثورة، فضلاً عن أن الزعيم الروحي علي خامنئي لا يحظى بتقدير كبير لديهم.
· قبل عام وقع شبه انقلاب عسكري في إيران من طرف الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعتبر الرئيس محمود أحمدي نجاد دمية في يده. وعملياً، فإن السلطة في إيران الآن هي نوع من الطغمة العسكرية وليس سلطة دولة دينية، وهي ترتكز أساساً على الحراب والخوف وميليشيات الباسيج والقمع. إن السؤال المطروح هو: هل يمكن لهذه السلطة التي تحارب العالم كله أن تصمد طويلاً؟
· إن تفكك العناصر التي أضفت شرعية على السلطة في إيران، يعني أن نهاية هذه السلطة آخذة في الاقتراب، وربما تكون هذه النهاية قريبة جداً أو بعد بضعة أعوام، لكن الاتجاه أصبح واضحاً منذ الآن. لقد كانت الثورة الإسلامية فصلاً قصيراً في تاريخ إيران الممتد على مدار آلاف الأعوام، ونهايتها أصبحت تلوح في الأفق، ذلك بأن القاعدة الاجتماعية التي كانت تقوم عليها لم تعد موجودة.
ما الذي يتعين علينا فعله إزاء هذا كله؟ هل يتوجب على إسرائيل أن تستغل ضعف السلطة في إيران وتقوم بشن هجوم عسكري عليها؟ كلا، ذلك بأن هجوماً كهذا من شأنه أن يعيد الوحدة بين العناصر الإيرانية المذكورة كلها وبين الثورة. ولا بُد هنا من استعادة القول المأثور لنابليون: "لا أتدخل مطلقاً في شؤون عدو موجود في خضم عملية انتحار".