نجاح اتفاق جنيف يفتح الطريق أمام اتفاق مماثل لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في حال فشلت المحادثات الحالية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- لماذا يعتبر بنيامين نتنياهو اتفاق جنيف خطأً تاريخياً؟، فالجواب لأنه لم يحقق الأهداف التي من وجهة النظر الإسرائيلية، هي التي تجعله اتفاقاً جيداً. وبكلام آخر، لأن المحادثات في جنيف لم تنته بخضوع إيراني بل أثمرت عن تسوية.
- في نظر العالم، يعتبر الاتفاق الجيد هو التسوية التي يستطيع الطرفان التعايش معها. ومثل هذه التسوية قد لا تستجيب لجميع تطلعات كل طرف من الأطراف، لكنها تخلق وضعاً جديداً من التعايش. وهذا ما جرى في المفاوضات بين الغرب وإيران.
- لكن إسرائيل الرسمية لا تفكر بهذه الطريقة، فبالنسبة إليها يجب على الاتفاق أن يقدم ما لا تستطيع هي نفسها تحقيقه بواسطة سلاحها الجوي، أي تدمير القدرة النووية الإيرانية من أساسها.
- وللأسف الشديد، فإن أوباما لا يعمل عندنا ولا عند إيب فوكسمان وأصدقائه من "الإيباك"، ولم يكن الهدف من المفاوضات تركيع إيران. فكيف يمكننا بعد الآن الاعتماد على حكمة الحكومة الإسرائيلية التي لم تفهم ذلك منذ وقت طويل؟
- يبدو نتنياهو مقتنعاً بأن الإيرانيين سيحاولون اللجوء إلى الخداع والكذب. قد تتساءلون كيف يعرف ذلك؟ والجواب أنه لو كان مكانهم لكان هذا ما فعله. وفي الواقع، هذا ما تفعله حكومته يومياً في المناطق [الضفة الغربية]. وليس نتنياهو هو الذي اخترع هذا الأسلوب، فقد سبقه إليه أريئيل شارون ورؤساء حكومات آخرون، فالاستيطان جرى بصورة سرية وبأسلوب المافيا. ومن خلال كسر القوانين والمعايير المعروفة، جرى نهب واستغلال السكان المحليين. من وجهة نظر نتنياهو، الكذب والخداع هما أساس العلاقات الدولية، وهما دليل على ذكاء سياسي وقدرة على العمل.
- لكن أهمية المفاوضات مع إيران تتعدى بكثير ما تحقق في جنيف. فقد جرى هناك وضع أساليب للتفكير وطرائق عمل نستطيع تطبيقها من أجل حل المشكلة الإسرائيلية – الفلسطينية. وهذه هي النقطة الأساسية. فالجهد المشترك للدول الخمس زائد واحد يستطيع أن يجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات وإجبارهم على البدء بحوار جدي. وسيكون من الصعب جداً التنصل من مجموعة هذه الدول. فالعمل لوقف البناء في المستوطنات، ووضع اشارة على المنتجات التي مصدرها المناطق المحتلة، والمفاوضات الجدية بشأن حدود الدولة الفلسطينية مستقبلاً هي أمور مقبولة من جانب الأغلبية الساحقة من مواطني الدول الغربية.
- إذا وصلت المفاوضات المباشرة التي يعمل جون كيري لإنجاحها إلى حائط مسدود، فستصبح الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي محتملة. وإذا تبين أن العملية السياسية التي بدأت في جنيف ناجحة، وأثبتت الرقابة الصارمة أن الإيرانيين تقيدوا بالاتفاق وأن قدرتهم على انتاج نووي للاستخدام العسكري كُبحت، حينئذ سيبدو اطار جنيف هو السبيل الوحيد لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
- في مثل هذا الوضع يطرح السؤال: هل أغلبية الإسرائيليين مستعدة للتضحية بمستقبل الدولة على مذبح الاستيطان؟ من المحتمل جداً أنه عندما تحين ساعة الحسم، سيظهر أن أغلبية الإسرائيليين لا تتطلع إلى إخضاع الفلسطينيين بل إلى التوصل إلى اتفاق معهم، وهي مستعدة لإنهاء الاحتلال ووضع حد لضم القدس وللعودة إلى حدود 1967 مع تعديلات.
- إن التوصل الى تسوية من دون خنوع، يجب أن يكون الهدف الذي يضعه جنيف- ب لنفسه: إجراء انتخابات أو استفتاء شعبي على جانبي الخط الأخضر؛ نهاية حلم العودة؛ نشوء سيادة فلسطينية على أساس قرار التقسيم الذي صدر في نهاية حرب الاستقلال [حرب 1948].