هل نحن أمام نظام إقليمي جديد؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف
  • في الفترة الأخيرة، قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بزيارة إلى روسيا التقى خلالها الرئيس بوتين. كان اللقاء مهماً وذا نتائج مهمة على صعيد عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الدولية. وكما هو متوقع، كان الموضوع الإيراني هو الموضوع الأساسي الذي نوقش في الاجتماع، لكن من المبكر استخلاص النتائج العملية لهذا اللقاء.
  • أتت الزيارة على خلفية التطورات في الشرق الأوسط ولا سيما تلك المتعلقة بالأحداث في سورية وإيران، وبرزت في إطارها مساعي روسيا للتقرب من بعض دول المنطقة كانت علاقات موسكو بها متوترة في الفترة الاخيرة، ومن بين هذه الدول: السعودية ومصر والعراق والأردن وإسرائيل. 
  • ولا يشكل هذا التوجه تجديداً في السياسة الروسية التي لم تحظ سابقاً إلا بردود محدودة على مساعيها للتقرب من هذه الدول. لكن يبدو أن الأمور تغيرت الآن، الأمر الذي سيكون له تأثير في بلورة النظام الإقليمي في المستقبل.
  • وروسيا التي تطمح إلى دور مؤثر في المنطقة، أظهرت في الفترة الأخيرة حضورها الفعال في أغلبية الملفات الإقليمية، كما أبرزت ثقتها بنفسها في مواجهة الولايات المتحدة. يأتي ذلك بعد فترة من عدم الاستقرار ترافقت مع أحداث "الربيع العربي" التي قضت على معظم مكاسب روسيا في المنطقة، وحشرتها في الزاوية مع شركائها من الكتلة الراديكالية التي تضم إيران وسورية وحزب الله.
  • ونجحت موسكو من خلال الاستخدام الناجع للحرب الأهلية في سورية، في تثبيت خط الاحتواء التابع لها في المنطقة، من خلال الاحتواء الجزئي للضغوط الصادرة عن منظومة الدول السنية في المنطقة التي عملت ضدها بدعم غربي.
  • وشكلت ذروة هذه الأحداث المناورة الروسية الناجعة بشأن السلاح الكيميائي السوري، ونجحت موسكو حتى الآن على الأقل، في المحافظة على نظام الأسد والمحور الراديكالي، وساهمت في تحسين موقع روسيا في الساحة الدولية على حساب مكانة الولايات المتحدة.
  • حتى الفترة الأخيرة، كانت نجاحات روسيا في الشرق الأوسط متواضعة للغاية. وفي الواقع، ففي أغلبية القضايا التي تستقطب الاهتمام الدولي، كانت روسيا تجد نفسها خارج اللعبة، سواء بالنسبة لعملية السلام على المسار الإسرائيلي- الفلسطيني أو في الموضوع الإيراني.
  • لكن الأمور في الفترة الأخيرة انقلبت رأساً على عقب بعدما أدت الأحداث في سورية وإيران إلى تغير في توجهات جزء من اللاعبين الإقليميين الذين شعروا بأنهم تعرضوا للخيانة والخطر بسبب السلوك الإقليمي للولايات المتحدة. وبرز الشعور بالاحباط لدى هذه الدول من خلال محاولات جس النبض التي قامت بها إزاء روسيا التي استغلت هذا الأمر جيداً لاستئناف الحوار. وثمة من يرى أن لهذه التغييرات انعكاسات تستطيع التأثير في بلورة نظام إقليمي مستقبلي.
  • وضمن هذا الإطار، يمكننا الإشارة إلى سلسلة من التطورات في اتجاه التعاون بين روسيا ودول المنطقة بينها إسرائيل. ومن المعروف أن لإسرائيل شبكة علاقات مستمرة مع روسيا وهي تعتبرها لاعباً إقليمياً مهماً على الرغم من تأثر هذه العلاقات في كثير من الأحيان بانعكاسات المصالح الروسية في المنطقة.
  • وإسرائيل التي سعت إلى إيجاد فرصة مهمة من أجل الدفع قدماً بمصالحها في الساحة الدولية ولا سيما في ما يتعلق بالموضوع الإيراني، تبدو اليوم في نظر موسكو طرفاً يجب توسيع التعاون معه بهدف إظهار المكانة المتعاظمة لروسيا بوصفها لاعباً له نفوذ إقليمي كبير. من هنا، سيكون للتعاون مع إسرائيل - كطرف إقليمي وحليف للولايات المتحدة - وزن لا بأس به.
  • أما في ما يتعلق بزيارة رئيس الحكومة نتنياهو إلى روسيا، فقد استغلها الجانب الروسي من أجل نقل رسالة جديدة إلى المجتمع الدولي تتعلق بتعاظم موقع روسيا. ومن المحتمل ايضاً أن تكون الزيارة استغلت من أجل درس الإعداد لمبادرات روسية في الموضوع الإيراني.
  • وبالنسبة لإسرائيل، شكلت هذه الزيارة فرصة لإبراز الأهمية التي توليها للتوازن في علاقاتها الخارجية، إلى جانب سعيها إلى الدفع قدماً برسائلها المتعلقة بالمشكلة الإيرانية، هذا على افتراض أن روسيا لا تزال قادرة على التأثير في هذا الموضوع.
  • أما في ما يتعلق بالموضوعات الثنائية التي طرحت خلال الزيارة، فهي ليست جديدة، لكن من المهم ترسيخها وتوسيع نطاقها.