من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يمكن القول إنه على الرغم من أن [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق شمير ارتكب خطأ عندما لم يستغل الفرصة الذهبية التي سنحت له في أثناء ولايته [في بداية تسعينيات القرن العشرين الفائت] من أجل إقرار ترتيبات سياسية تعزز الاستقرار الإقليمي، فإن تمسكه باستمرار الوضع القائم كان مبرراً، وذلك في ضوء المكانة الدولية القوية التي كانت إسرائيل تحظى بها في إثر انهيار الاتحاد السوفياتي وتحوّل الولايات المتحدة إلى دولة عظمى وحيدة، وكذلك في ضوء فقدان أعداء إسرائيل القدرة على مهاجمتها عسكرياً.
· غير أن الوضع الآن يبدو مختلفاً تماماً. ومع ذلك، فإن بعض المقربين من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ما زال يحنّ إلى شمير، ويتطلع إلى تكرار النجاح المحدود الذي حققه في حينه، وكان فحواه عدم تقديم تنازلات والمراوحة في المكان وكسب الوقت. كما أن هذا البعض يتطلع إلى عدم التورط في مغامرات سياسية على غرار مغامرات كل من [رؤساء الحكومة السابقين] يتسحاق رابين وإيهود باراك وإيهود أولمرت، وإنما إلى بناء الوطن القومي من الداخل بصبر ونفس طويل.
· لكن إذا كان نتنياهو يفكر، بصورة جادة، في أن يكرر خيار شمير، فإن ما يتعين عليه فعله هو أن يفكر في الأمر مراراً وتكراراً، ذلك بأن الأوضاع لم تعد كما كانت عليه، والعرب والعالم لم يعودا مثلما كانا عليه، فضلاً عن أن الواقع في سنة 2010 بات أقسى بما لا يقاس من الواقع في سنة 1990.
· ففي سنة 1990، كان في إمكان إسرائيل ضرب أي نقطة في الشرق الأوسط في أي لحظة ممكنة، لكن في سنة 2010 أصبح في إمكان أعداء إسرائيل ضرب أي نقطة في دولة إسرائيل في أي لحظة ممكنة. فحركة "حماس" قادرة على قصف وسط تل أبيب بعشرات الصواريخ الإيرانية التي يبلغ مدى كل منها 75 كيلومتراً، والمزودة برؤوس حربية تبلغ زنة كل منها 150 كيلوغراماً، كما أن حزب الله قادر على ضرب وسط إسرائيل بمئات الصواريخ وبضعة صواريخ سكود تصل زنة كل رأس حربية منها إلى نصف طن. ولدى كل من سورية وإيران قدرات صاروخية هائلة.
· وفي سنة 1990 كانت الحلبة الشرق الأوسطية مستقرة، وأمكن احتواء حربين في الخليج وانتفاضتين فلسطينيتين، والسبب هو أن الولايات المتحدة كانت سيدة العالم، الأمر الذي مكّنها من تشكيل وقيادة تحالف إقليمي معتدل وقوي ضمن استقراراً استراتيجياً. لكن الحلبة الشرق الأوسطية في سنة 2010 ليست مستقرة، والولايات المتحدة آخذة في التراجع، وإيران تحاول الحلول محلها كدولة إقليمية عظمى وقائدة. في الوقت نفسه، فإن القوى التي تقوّض الاستقرار الإقليمي آخذة في الصعود، في حين أن القوى التي تضمن الاستقرار هي في حالة حرجة.
· إن الصورة واضحة للغاية: نافذة الفرص التاريخية التي فُتحت في إبان فترة شمير ـ والتي لم تُستغل من جانبه ـ آخذة في الانغلاق؛ الأعوام العشرون السمان في الشرق الأوسط تقترب من نهايتها؛ إسرائيل باتت الآن مهددة من الناحيتين العسكرية والسياسية كما لم تكن مهددة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي حال استمرار الأوضاع الحالية فإنها ستسفر عاجلاً أم آجلاً عن انفجار كبير.
في المقابل، فإن الاستنتاج واضح أيضاً: نتنياهو لا يملك خيار شمير، ولا خيار وضعٍ قائمٍ (status quo)يمكن الاستناد إليه. وفي حال انعدام مبادرة سياسية إسرائيلية تكبح الاتجاهات الحالية فإن السقوط حتمي لا محالة. وإذا لم يتحوّل بنيامين نتنياهو إلى رئيس حكومة مثل مناحم بيغن [الذي توصل إلى اتفاق سلام مع مصر]، فإنه سيصبح مثل غولدا مئير [رئيسة الحكومة الأسبق التي اندلعت حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 في أثناء ولايتها].