من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي مال، هذا واضح. إنه يتلقى في كل عام مخصصات "هزيلة" بقيمة 61 مليار شيكل من دافعي الضرائب الإسرائيليين والأميركيين، لكن هذا لا شيء. هذا ليس مالاً. فالحقيقة هي أن الجيش الإسرائيلي أعلن قبل بضعة أيام أنه مضطر إلى تقليص التدريبات بسبب نقص في الأموال، مع العلم أن ميزانية الجيش الإسرائيلي أكبر من مجموع الميزانيات العسكرية للدول العربية المحيطة بنا، وأن نسبة ميزانية الجيش الإسرائيلي للناتج المحلي القائم هي الأعلى في العالم أجمع. والحقيقة هي أنه لا يوجد مال كافٍ للتمارين التدريبية، ومن دون تدريب نخسر الحرب.
· هذا هو أسلوب الجيش الإسرائيلي: التفتيش عن نقطة الضعف الأكثر حساسية وإثارة للخوف والضغط عليها، بغض النظر عن عشرات المليارات التي يحوّلها إلى آلاف الأهداف الأخرى. في الماضي، كان التخويف أسهل بكثير، فقد كانت لديه ترسانة من التهديدات المخيفة، إحداها مصر الكبيرة جنوباً- لكن ما العمل إذا كانت مصر مشغولة بالثورات وبمشاكلها الاقتصادية؛ كما كان لدى الجيش [تهديد] الحاكم السوري شمالاً- بيد أن الأسد بالكاد ينجو حالياً، ودباباته يأكلها الصدأ؛ وكان لديه أيضاً صدام حسين في العراق وصواريخ "شهاب 3" في إيران المصوّبة نحو وسط تل أبيب- لكن تهديد صدام زال حالياً، وحتى تهديدات إيران النووية تبدو جوفاء جداً.
· من هنا، لم يعد لدى الجيش الإسرائيلي مبرر سوى أن يستخرج من مخزن الطوارئ سلاحَ يوم القيامة: المال المطلوب للتدريب، وأن يذكرنا أيضاً، وبالمناسبة، بأن فشله في حرب لبنان الثانية [2006] ناجم عن النقص في التدريب الناتج بدوره عن النقص في الميزانية.
· لكن هذا بالطبع كذبة كبيرة، فالفشل في حرب لبنان الثانية لم ينجم عن النقص في الميزانية، وإنما عن قلة ذكاء، وهذا الأمر أكدته صراحةً لجنة فينوغراد. لكن عندما يتكرر الكذب عدة مرات، يتحول في النهاية إلى صدق.
وفي كافة الأحوال، إن استخدام [حجة] التقليص في التدريبات بهدف الضغط على وزارة المالية عمل غير مشروع. ففي اللحظة التي يخفض فيها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش ساعة تدريب واحدة من جراء "مشاكل في الميزانية" بدلاً من تقليص الدهون المتراكمة في جسم الجيش الإسرائيلي، تنبغي إقالته من منصبه، فوظيفته الأولى هي الحرص على تنفيذ كل التدريبات المطلوبة، وفقط بعد ذلك الاهتمام بزيادات الرواتب، ومعاشات التقاعد، ومراكز الرياضة والملحقين العسكريين في الخارج.
· بيد أن الجيش الإسرائيلي يدرك أنه أقوى من الحكومة، ففي منتصف 2013 وفي ذروة أزمة الميزانية الصعبة، قررت الحكومة تقليص 3 مليارات شيكل من ميزانية الدفاع. وقال يائير لبيد آنذاك إن هذا إنجاز كبير وأغدق المقربون عليه الثناء والتقدير. لكن بعد أقل من أربعة أشهر أعادت الحكومة الأمنية المصغّرة مبلغ 2,75 مليار شيكل إلى الجيش برغم معارضة لبيد، ثم منحته بضع مئات الملايين من الشيكلات مقابل موافقته الكريمة على إخلاء قواعد في وسط البلاد، فأضحى "التقليص" زيادةً في الميزانية.
· فلو بقي التقليص على حاله، لكانت المؤسسة العسكرية اضطرت إلى ترشيد إنفاقها وزيادة فاعليتها. لكن عندما يتحول التقليص إلى زيادة في الميزانية، فما الداعي إلى بذل هذا المجهود؟ ولذا لم يمس أحد الازدواجية المثيرة للسخط في الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية والعسكرية، ولم يقلص أحد بعثات المشتريات المتضخمة في خارج البلاد، ولم ينفّذ أحد الإصلاح المطلوب في شعبة التأهيل، ولم يوقف أحد المشاريع الضخمة بمليارات الشيكلات. ولا يزال كل ضابط شاب يحصل على سيارة ويرافقه سائق، كما يقبض معاشاً تقاعدياً فاحشاً في عمر الـ46 عاماً، مع علاوة 6% يمنحها رئيس هيئة الأركان العامة، وتعويضاً إضافياً بنسبة 6% مقابل أدائه الخدمة العسكرية الإلزامية.
· ثمة مطالب إضافية تختبئ وراء التهديد بوقف التدريب، فالجيش الإسرائيلي يطالب بزيادة 800 مليون شيكل لهذا العام، وبزيادة هائلة بقيمة 5-6 مليارات شيكل للعام 2015، وهنا المشكلة الرئيسية، فإذا أُعطي هذه الزيادة في الميزانية، سيدفع جمهور المواطنين الثمن. فبدلآً من زيادة ميزانيات التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، وحضانات الأطفال، والبنى التحتية، وبرامج التدريب المهني، والإسكان، ستضطر وزارة المالية إلى تقليص جميع هذه البنود.
· لكن ما لزوم الكلام على التعليم والخدمات الاجتماعية؟ فحتى من أجل التدريب لا يوجد مال!