· في الذكرى السنوية لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، قُتل السفير الأميركي في ليبيا في هجوم إرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي. وقد تزامن الهجوم مع تظاهرات غاضبة للإسلاميين المتشددين بالقرب من السفارة الأميركية في القاهرة.
· من الممكن أن يكون توقيت هذه الهجمات على أهداف أميركية مجرد صدفة، كما يمكن أن يكون ما حدث، وبحسب بعض الخبراء، مجرد ردة فعل عفوية خرجت عن السيطرة في الشارعين الليبي والمصري، وذلك ضد فيلم الفيديو المسيء للإسلام وللنبي. لكن يبقى السؤال هو التالي: لماذا أدى هذا الفيلم، الذي يُعرض منذ بضعة أشهر على شبكة الإنترنت، إلى هجوم إرهابي قاتل في 11 أيلول/سبتمبر بالتحديد.
· والأهم من هذا كله هو أنه وبغض النظر عن الأطراف المسؤولة عن الهجوم الإرهابي الأخير، فإن مسألة توجيه أي انتقاد إلى العالمين العربي والإسلامي، وبصورة خاصة إلى الدين الإسلامي، تُعدّ مبرراً للقيام بأعمال عنف وللقتل باسم الدين بالنسبة إلى ملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم.
· وليس هذا بالأمر الجديد، فقبل بضعة أعوام نشبت اضطرابات في العالمين العربي والإسلامي احتجاجاً على نشر صور كاريكاتورية مسيئة للرسول في صحيفة دانماركية، وجرى إحراق عدد من السفارات الاسكندينافية في عدد من العواصم العربية، وتوجه الاحتجاج في أفغانستان ضد الجنود الأميركيين الموجودين هناك. وما زلنا أيضاً نذكر سلمان رشدي الذي صدرت فتوى بقتله بعد صدور كتابه [آيات شيطانية].
· في أيام حكم القذافي في ليبيا، وحسني مبارك في مصر، لم يكن يُسمح للجماهير بمهاجمة السفارة الأميركية، وإنما كان يُسمح لهم بالتعبير عن غضبهم للتخفيف من الاحتقان، وكي لا يتم توجيه هذا الغضب ضد الحكام. وفي الوقت نفسه، حرص القذافي ومبارك على استغلال التظاهرات لتبرير نظامهما القمعي، الذي يشكل برأيهما الحاجز الأخير في وجه الراديكالية الإسلامية.
· لقد جرت الإطاحة منذ وقت بالقذافي وبمبارك بمساعدة وتدخل من واشنطن، فجاء نظام إسلامي إلى الحكم في مصر، في حين سمحت ليبيا للأحزاب الإسلامية التي تتمتع بتأييد واسع وسط الجمهور الليبي بأن تنشط.
· لقد استبشرت واشنطن خيراً بالتغييرات التي حدثت، وحاولت أن ترى فيها خطوة نحو تحول العالم العربي إلى عالم أكثر انفتاحاً وديمقراطية. كما أملت بأن تستفيد من الدعم غير المشروط الذي قدمه الغرب إلى الثوار العرب، لكن بالأمس تبددت التوقعات الأميركية على أرض الحقائق الشرق أوسطية.
· إن الوقت الحالي هو بمثابة اختبار للنظام الليبي، وبصورة خاصة لنظام الإخوان المسلمين في مصر برئاسة محمد مرسي، الذي لا يحتاج إلى أن يحظى بالشرعية من الأوساط الدينية كما كان حال نظام مبارك، كي يستطيع أن يدين العنف بشدة. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو التالي: هل ستصبح مصر بعد مرور بضعة أعوام بلداً أكثر تسامحاً وانفتاحاً، أم ستتحول إلى دولة يفرض عليها المتطرفون جدول أعمالها؟