· على إسرائيل أن تولي، على وجه السرعة، اهتماماً كبيراً بالأزمة الكبيرة الآخذة في التفاقم، والمتعلقة بعلاقاتها الدبلوماسية مع ألمانيا. فقبل بضعة أيام اتخذ البرلمان الألماني، وبالإجماع، قراراً يحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الأحداث الدموية التي شهدتها قافلة السفن التي كانت متجهة إلى غزة، وطلب إجراء تحقيق مستقل في هذه الأحداث، وإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
· وقد تجاهل هذا القرار الذي اتخذ بمبادرة من حزب اًلخضر"، دور تركيا في عملية الاستفزاز البحرية هذه، كما تجاهل الأوضاع الحقيقية في غزة. وفي واقع الأمر، فإن الإجماع الذي حظي به هذا القرار المناوئ لإسرائيل، لم يتوفر بالنسبة إلى قضايا أخرى مثل ملاحقة الأكراد في كل من تركيا وسورية وإيران، أو عمليات الإبادة الجماعية في دارفور، أو انتهاكات حقوق الإنسان من طرف حركة "حماس" في غزة، أو عمليات خرق قرارات مجلس الأمن من طرف حزب الله في لبنان.
· لا شك في أن إسرائيل تتحمل هي أيضاً جانباً من المسؤولية عن تفاقم أزمة العلاقات مع ألمانيا، ذلك بأن الحكومات الإسرائيلية السابقة والحكومة الحالية تتعامل مع الصداقة الألمانية لإسرائيل باعتبارها أمراً بديهياً، وبناء على ذلك، فإنها تهمل نشاطها الدعائي والإعلامي في هذا البلد. فضلاً عن ذلك، فإن عناصر يسارية إسرائيلية تضم محاضرين أكاديميين وأدباء وإعلاميين، تقوم في الآونة الأخيرة بحملة كبيرة ومثابرة تهدف إلى إضعاف التحالف الوثيق بين الدولتين، وهو ما يعزز قوة اللوبي العربي الذي يرفع لواء تقويض العلاقات الخاصة بين ألمانيا وإسرائيل.
لا يجوز أن تستمر إسرائيل في التغاضي عن هذه التطورات الدراماتيكية، ويتعين عليها أن تتعامل بالجدية المطلوبة في كل ما يتعلق بعلاقاتها مع ألمانيا على المستويات كافة. من ناحية أخرى، على إسرائيل أن توضح لألمانيا أن هناك حدوداً لتدخلها في شؤونها الداخلية، ولربما يجدر بها أيضاً فحص إمكان فرض مراقبة مشددة، في وقت لاحق، على نشاط صناديق الدعم الألمانية العاملة في إسرائيل.