هل يمكن وضع خط أحمر بالنسبة إلى إيران؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

·       عادت مسألة الخطوط الحمر لتطرح مجدداً في الوقت الراهن، في إطار التفاهم بين الإدارة الأميركية وإسرائيل، وذلك بهدف خفض منسوب التوتر بين الدولتين. وتكمن نقطة الخلاف الرئيسية في كون إسرائيل تعتبر أن إيران قطعت شوطاً بعيداً في برنامجها النووي يخولها امتلاك السلاح النووي، في حين أن الإدارة الأميركية تعتقد أن باب الدبلوماسية لا يزال مفتوحاً مع إيران.

·       كذلك تعتقد الإدارة الأميركية أنها قادرة على أن تعرف مسبقاً، وفي وقت كافٍ، ما إذا قرر الإيرانيون إحداث "اختراق نووي" breakout. فقد نقلت وكالة أخبار "ذي تايمز أوف إسرائيل" في 10/8/2012 تصريحاً لجاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، قال فيه إن "الولايات المتحدة لديها عيون داخل البرنامج النووي الإيراني"، وإنها "تستطيع أن تعرف ما إذا حققت طهران تقدماً في اتجاه امتلاك سلاح نووي... وما إذا بلغت قدرة الاختراق على طريق امتلاك سلاح نووي، ومتى." وفي وقت لاحق، حرص كارني على التأكيد أنه يعني بتصريحه مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتعتبر الإدارة الأميركية هذا البيان بمثابة خط أحمر في وجه إيران. 

·       ويُفهم من تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض أمران، هما: أن الاستخبارات الأميركية معصومة عن الخطأ، وأن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قادرون على كشف الاختراق الإيراني بشكل يسمح بالردع في الوقت الملائم. لكن إسرائيل لا توافق على هاتين الفرضيتين ولا تتبناهما، ففي ضوء تجارب الماضي، يمكن الجزم بأن الاستخبارات غير معصومة عن الخطأ، وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقيدة في كل ما يتعلق بصلاحيات الرقابة والتفتيش.

·       من هنا، وكي تكون الخطوط الحمر فعالة، ينبغي توافر الشروط التالية: أن تكون محددة جيداً وواقعية؛ أن تكون مؤاتية بحيث تسمح بمنح الوقت الكافي لعمليات الردع؛ أن تكون نتائج تجاوزها خطرة لتحقيق الردع المراد منها. كذلك ينبغي تحديد مفهوم "الاختراق" جيداً، فهل يُعتبر تخطي درجة تخصيب اليورانيوم بنسبة 10٪ اختراقاً؟ وهل أن إجراء تجارب على جهاز التفجير يشكل خطاً أحمر؟

·       تسعى إيران لكسب الوقت من أجل تحسين تكنولوجيا الاختراق، وكي تراكم مخزوناً متزايداً من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة. ومن المرجح جداً أن تأتي المعلومات الاستخباراتية عن الاختراق الإيراني متأخرة بشكل ملحوظ. فهل ستكون الولايات المتحدة الأميركية مستعدة لتوجيه ضربة عسكرية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي؟... إذ يفهم من قول الإدارة الأميركية إن باب الدبلوماسية لا يزال مفتوحاً مع إيران أنها لم توجه تحذيراً ولا حتى إنذاراً إلى إيران، وبالتالي فإن الشروط المذكورة أعلاه غير متوافرة. فهل يمكن وضع خط أحمر بديل؟

·       بالتأكيد! والمقصود بذلك تحديد موعد نهائي يكون بمثابة تاريخ للامتثال لقرارات مجلس الأمن بحق إيران.... وتجميد كل النشاطات في منشأة التخصيب تحت الأرض في فوردو، ووقف أنشطة التخصيب بدرجة 10٪، ونقل مخزون اليورانيوم المخصب إلى خارج إيران. وهذا خط أحمر معقول، بشرط أن لا يكون الموعد النهائي بعيداً جداً، للحيلولة دون حدوث اختراق نووي إيران. ولهذا الخط الأحمر ميزة إضافية، فهو يشكل مرحلة أولى في مسيرة طويلة، من دون أن يتطلب خضوعاً إيرانياً مطلقاً لمطالب مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

·       لكن، هل هذا الأمر قابل للتنفيذ؟ من شبه المؤكد أن هذا الأمر غير ممكن، على الأقل في الوقت الحالي.... ومن هنا، يبدو أن الكلام على خطوط حمراء لا يعدو كونه وسيلة لخفض وتيرة الخلاف العلنية بين حكومة إسرائيل والولايات المتحدة، على الأقل إلى ما بعد موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.