تقرير بالمار يضر بجنودنا، وحسناً فعلنا بعدم الاعتذار من تركيا
تاريخ المقال
المصدر
- إن القراءة المتعمقة لتقرير بلمار تترك لدى القارىء الإسرائيلي شعوراً بعدم الارتياح. فعلى عكس التسريبات التي ظهرت في وسائل الإعلام، فإن الأمم المتحدة لا تبرىء إسرائيل من التهمة. صحيح أنها تعترف بشرعية الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على غزة وتطبيقه من جانب الجيش الإسرائيلي، إلاّ إن واضعي التقرير يتهمون إسرائيل بصورة واضحة بالمسؤولية عن مقتل تسعة مواطنين أتراك وجرح آخرين، فضلاً عن تهمة التعامل بطريقة غير لائقة مع الناشطين المشاركين في قافلة سفن المساعدات خلال توقيفهم واحتجازهم في إسرائيل.
- صحيح أن واضعي التقرير لا يتجاهلون عنف أنصار التنظيم الإسلامي التركي (IHH)، ومقاومتهم الجنود الإسرائيليين في أثناء سيطرتهم على سفينة "مرمرة"، إلاّ إنهم يتهمون، وبوضوح، الجنود الإسرائيليين بالتسرع في إطلاق النار، الأمر الذي أدى إلى عمليات قتل لم يكن هناك داع لها.
- ومع أن التقرير يشير أيضاً إلى أن الحكومة التركية لم تفعل ما كان يجب أن تفعله من أجل الحؤول دون وقوع أحداث العنف،غير أنه من جهة أخرى لا يتخذ تجاه التقصيرات التي قام بها أنصار التنظيم الإسلامي التركي والحكومة التركية القدر نفسه من الصرامة التي يتخذها تجاه ما فعلته إسرائيل.
- ومن الواضح تماماً أن واضعي تقرير بالمار بذلوا جهدهم للمحافظة على أكبر قدر ممكن من الموضوعية والتجرد، إلاّ إنهم في الوقت نفسه يدركون أنهم يعملون لمصلحة الأمم المتحدة التي هي في نهاية المطاف منظمة سياسية، ومن هنا رغبتهم في صدور تقرير "متوازن" تكون نتائجه مرضية للطرفين وتفسح المجال أمام تسوية الخلاف بينهما. فهذا ما أراده الأمين العام للأمم المتحدة وأرادته واشنطن أيضاً، كما أن هذا هو السبب لوجود فقرة خاصة في التقرير بعنوان "تسوية" تطلب من إسرائيل التعبير عن "أسفها" ودفع التعويضات، وتطلب من تركيا استئناف علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل. ومن المعروف أن إسرائيل كانت مستعدة للقبول بتوصيات التقرير، لكنها رفضت مطالبة أردوغان الاعتذار من تركيا.
- إن هدف مطالبة أنقرة إسرائيل بالاعتذار، وجعل ذلك شرطاً لترميم العلاقات بين الدولتين، هو إذلال الحكومة الإسرائيلية ورفع مكانة أردوغان في العالم الإسلامي. ولذا، كان من الصعب أن يساهم هذا الاعتذار في ترميم العلاقات الوثيقة بتركيا، بل إنه على الأرجح سيتسبب بتآكل ردع إسرائيل وسيضعف مكانتها في المنطقة. والدليل على ذلك مسارعة مصر بعد الهجوم الذي وقع في إيلات إلى تقليد تركيا ومطالبة إسرائيل بالاعتذار [لمقتل عدد من جنودها بنيران إسرائيلية]، حتى من قبل أن تعرف أسباب وظروف إصابة جنودها في الحادث.