تخشى إسرائيل الوضع الذي سيؤول الشرق الأوسط إليه بعد الانسحاب الأميركي من العراق. كانت هذه هي الرسالة التي بلّغها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال اجتماعهما في واشنطن أمس. وأعرب نتنياهو عن قلقه إزاء احتمال أن يتمخض انسحاب القوات الأميركية من العراق، إلى جانب تعاظم القوة الإيرانية، عن "جبهة شرقية" جديدة ضد إسرائيل.
وتم خلال الاجتماع أيضاً مناقشة قدرة الجيش الإسرائيلي على التأهب لمواجهة وضع من هذا النوع. كما تحدث غيتس ونتنياهو عن الترتيبات الأمنية التي ستوفَّر لإسرائيل في إطار الحل الدائم مع الفلسطينيين، وسبل منع دخول القذائف والصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى مناطق الدولة الفلسطينية العتيدة.
وناقش رئيس الحكومة ووزير الدفاع الأميركي أيضاً عملية تزود جيوش دول الشرق الأوسط بالأسلحة التقليدية، وسبل المحافظة على التفوق النوعي لإسرائيل في مواجهتها.
وأمس تعهد رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما بإحباط أي قرار يهدف إلى فرض التزامات على إسرائيل في الموضوع النووي، واعترف بحق إسرائيل في الاحتفاظ بـ [قدرات] نووية لأغراض الردع ("هآرتس"، 8/7/2010). وقد كشفت إدارة أوباما خلال زيارة نتنياهو لواشنطن عن سلسلة من التفاهمات في موضوع "الغموض النووي" الإسرائيلي جرت المحافظة عليها بسرية كبيرة حتى اليوم. وكان في خلفية نشر هذه التفاهمات القرار الذي اتخذه مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية قبل نحو شهرين، والذي دعا فيه إسرائيل إلى الموافقة على السماح برقابة دولية على منشآتها النووية. ومن أجل توضيح موقف الإدارة الأميركية تقرر، بالتنسيق مع إسرائيل، الكشف عن تفصيلات التفاهمات التي تمت بلورتها على أعلى المستويات في الستينيات، وهي تفاهمات تم تعديلها بضع مرات منذ صوغها، وأيضاً خلال العام الفائت.
وفي صميم هذه التفاهمات، هناك تعهد ينص على أن تعمل الولايات المتحدة على التأكد من أن المبادرات الدولية المتعلقة بمراقبة الأسلحة، على غرار معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لن تمس أمن إسرائيل. وتعترف إدارة أوباما أيضاً بأن إسرائيل لها وضع أمني خاص، ولذا، فإنها هي وحدها القادرة على تحديد حاجاتها الأمنية. وقد تعهد الأميركيون بالسماح لإسرائيل بالاحتفاظ بـ "حق الردع"، ودلالة ذلك هي أنه سيكون من حق إسرائيل الاحتفاظ بقدرات استراتيجية ردعية خاصة بها.
وتعهدت الإدارة الأميركية بأن أي مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ـ إذا عُقد بالفعل ـ لن يعالج مسألة الأسلحة النووية فحسب، بل أيضاً الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والصواريخ طويلة المدى، التي تحتفظ بها دول كثيرة في المنطقة. ولن يكون لقرارات المؤتمر أي مفعول ملزم.
أمّا القضية الأخرى التي تعالجها التفاهمات فتتعلق بالتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة في المجال النووي المدني، وقد تعهدت الولايات المتحدة بالعمل من أجل ضم إسرائيل إلى هيئة دولية تشمل الدول التي تتاجر بالمواد النووية، وذلك على الرغم من عدم توقيع إسرائيل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. وهذا الأمر سيمكّن إسرائيل من تطوير مشاريع في المجال النووي المدني، لكنه يشكل أيضاً دلالة على ثقة أميركية بالسياسة النووية الإسرائيلية المسؤولة.