في المواجهة المقبلة مع حزب الله لن تقف إيران وسورية موقف المتفرج
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • كشفت زيارتان خلال أسبوع للحدود الإسرائيلية – اللبنانية واقعاً مختلفاً عن الماضي. فالتخوف من نشوب مواجهة عسكرية فورية مع حزب الله آخذ بالتلاشي، ويبدو أن ميزان الردع المتبادل بين إسرائيل والحزب يترسخ ويكبح كلا الطرفين، في وقت يغرق فيه التنظيم الشيعي في الحرب الأهلية في سورية. من ناحية أخرى، يفاقم استمرار الحرب في سورية حال عدم الاستقرار في لبنان ويقلل من حجم سيطرة حزب الله على ما يحدث هناك، ويدخل إلى الساحة لاعبين جدداً.
  • في الأسبوع الماضي قدم الجهاز الأمني اقتراحاً بوقف إنتاج الأقنعة الواقية في ظل تراجع خطر السلاح الكيميائي السوري، لكن الجيش الإسرائيلي يواصل تدريباته لمواجهة احتمالات نشوب حرب ضد حزب الله، الخصم الذي يشكل التحدي الأصعب على المنطقة ويشكل الخطر الأساسي على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
  • ويبدو أن السؤال الذي شغل طوال أعوام شعبة الاستخبارات وقيادة الشمال بدأ الجواب عليه يتضح. فقد كانت إسرائيل تتساءل عن كيفية رد الشريكين الآخرين في التحالف الراديكالي –  الشيعي، إيران وسورية، على مواجهة مع حزب الله. والافتراض الذي جرى التوصل إليه في الفترة الأخيرة لا يبعث على التفاؤل، فتوطد هذا التحالف بسبب المساعدة التي يقدمها حزب الله وإيران إلى نظام الأسد، أدى إلى تعميق التزام الطاغية السوري تجاه أصدقائه. واليوم أصبح النظام السوري وحزب الله وإيران جبهة مشتركة تستطيع عند الحاجة أن تتحرك أيضاً ضد إسرائيل.
  • من المنتظر أن يؤثر ذلك مستقبلاً على الرد السوري في حال حدوث صدام بين إسرائيل وحزب الله، أو في حال هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران. وعلى ما يبدو، فإنه في حال حدوث مثل هذين السيناريوهين، سيكون من الصعب على الشريكين الآخرين في التحالف عدم التدخل. وقد تأخذ المساعدة السورية لحزب الله أشكالاً عدة مثل اشعال حوداث إطلاق نار متوسطة القوة على طول الحدود في هضبة الجولان بحيث تجذب قوات الجيش الإسرائيلي إلى هناك بدلاً من إرسالها إلى لبنان، أو إطلاق صواريخ دقيقة على قواعد سلاح الجو في شمال إسرائيل.
  • وتتحدث مصادر استخباراتية إسرائيلية عن "درجة عالية من الحميمية" تجمع شركاء التحالف حيث الدور الأساسي هو لطهران التي صادرت من حزب الله قراره المستقل بالبدء بإطلاق النار ضد إسرائيل بعد حرب 2006، وهي التي أمرت التنظيم اللبناني بالتدخل في العام الماضي في الحرب في سورية، مما ساهم في كبح الهجمة التي كادت تسقط النظام.
  • في المقابل، يتغير حزب الله بما يتلاءم مع الوضع، فحتى سنة 2006 اكتسب الحزب خبرة في إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وفي الاستعدادات الدفاعية في قرى الجنوب اللبناني وفي إغلاق المسارات التي يمكن أن يتقدم من خلالها الجيش الإسرائيلي. لكن بفضل الحرب السورية طوّر حزب الله قدرته على القيام بهجمات مبادأة محدودة. ففي المعركة المهمة في بلدة القصير في حزيران/يونيو الماضي، استخدم الحزب دبابات سورية واستعان بطائرات من دون طيار واستخدم استخبارات من مستوى رفيع نسبياً. وقد اكتسب خبرة مهمة في القتال داخل المدن من خلال تحريك منسّق لوحدات بحجم سرية وما فوق. في الوقت عينه، لم يتخل الحزب عن جهوزيته في جنوب لبنان في مواجهة إسرائيل، وهو قادر على إطلاق عدد كبير من الصواريخ عليها.
  • وفي إسرائيل يُشار إلى تغيّر تدريجي في نظرة إيران والمحور الراديكالي حيال الحرب المستقبلية. ففي الماضي سادت فكرة أنه من الأفضل أن يخوض العرب حرب استنزاف ضد إسرائيل تنهك الجبهة الداخلية، أما اليوم فثمة توجه مختلف. ونظراً إلى أن الإيرانيين وحزب الله يفترضان أن القصف الإسرائيلي سيسبب أضراراً ضخمة، فهما سيفضلان توجيه ضربة قوية ومركزة في الأيام الأولى من الحرب على أمل أن يتدخل المجتمع الدولي بعد ذلك ويلجم إسرائيل. لذا عندما ستنشب المواجهة يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً لمواجهة اطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية خلال الأيام الثلاثة الأولى للحرب. مما يتطلب اتخاذ قرارات سريعة من جانب المستوى السياسي، الأمر الذي سيشكل تغييراً واضحاً بالمقارنة مع 2006.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه السيناريوات التي تبدو أقرب إلى توقعات مرعبة بعيدة نسبياً، إذ يتعرض حزب الله اليوم إلى ضغوط داخلية في طليعتها تصاعد الانتقادات في لبنان بسبب مشاركته في الحرب السورية.
  • في هذه الأثناء تبقى الحدود مع إسرائيل هادئة بسبب اللقاءات الدورية التي يعقدها ممثلو الجيش الإسرائيلي مع ممثلي قوات اليونيفيل والجيش اللبناني في معبر الناقورة الحدودي. وقد شهد شهر تشرين الأول/أكتوبر عدداً من الحوادث على الحدود. لكن على الرغم من ذلك، فليس لإسرائيل ولا لحزب الله مصلحة بنشوب حرب وإن لم تتغير المخاطر، ولا سيما أن عدد الأطراف المتورطة اليوم أكبر من الماضي، ويشكل إطلاق تنظيم سني صاروخ كاتيوشا على الجليل في آب/ أغسطس الماضي مثالاً جيداً على ذلك. وقد اكتفت إسرائيل حينها بقصف قيادة قديمة تابعة لمنظمة أحمد جبريل في الناعمة، لكن سرعان ما تبددت الحادثة وعاد الهدوء إلى الحدود.
  • إن السبب الأساسي للهدوء يعود إلى الردع المتبادل، فمثلما تردع حزب الله القدرة التدميرية الهائلة للجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل تتخوف من عشرات آلاف الصواريخ التي يملكها الحزب. وفي ظل عدم وجود مصلحة مباشرة في المواجهة، فإن في إمكان الجيش مواصلة الاستعداد لوقت الحاجة.
  • اليوم، وبعد أن أقرت الحكومة زيادة ميزانية الجيش الإسرائيلي التي كانت موضع خلاف، نأمل أن تذهب الأموال نحو الأهداف الصحيحة وألا يظهر الجيش مرة أخرى غير كفء وغير مستعد، كما ظهر سنة 2006.