يجب الوقوف ضد الاتفاق مع إيران
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن الدبلوماسية أفضل من الحرب، لكن الدبلوماسية السيئة يمكن أن تتسبب بحروب. واليوم تقود الولايات المتحدة المساعي الدبلوماسية من أجل التوصل إلى منعطف يمنع إيران من تطوير سلاح نووي أو الحصول على قدرة لتطوير مثل هذا السلاح. لا خلاف بشأن هذا الهدف المهم، فالجميع متفقون على أن حصول إيران على السلاح النووي سيشكل تهديداً خطيراً على الولايات المتحدة وحلفائها.
- من جهة أخرى، يمكن فهم تخوف قادة إسرائيل وفرنسا والسعودية ودول اخرى، من أن زعماء إيران يحاولون فقط كسب الوقت من أجل تخفيف العقوبات التي تلحق ضرراً كبيراً باقتصادهم مقابل تنازلات هامشية.
- يتخوف زعماء هذه الدول ومعهم العديد من الخبراء من صفقة سيئة جون كيري مستعد للقبول بها، تسمح للإيرانيين بالاقتراب من الحصول على السلاح النووي، وفي الوقت عينه تسمح لهم بترميم اقتصادهم المتعثر، وتكون نتيجتها أن إيران ستصبح أكثر قوة وقدرة على صنع السلاح النووي بسرعة في الخفاء.
- في حال حدوث ذلك، سنشهد من جديد تكرار التجربة الفاشلة في منع كوريا الشمالية من الحصول على السلاح النووي، لكن هذه المرة في منطقة أكثر اشتعالاً وخطورة بكثير. وإذا استغلت إيران المساعي الدبلوماسية الحالية من أجل كسب الوقت والوصول إلى وضع يصبح فيه من الصعب القيام بهجوم وقائي ضدها، فإن هذا سيكون بمثابة تكرار للخطأ الذي ارتكبه قبل 75عاماً رئيس الحكومة البريطاني المثالي لكن الساذج، تشامبرلين، والمتمثل في الصفقة السيئة التي أبرمها مع النازيين في محاولة يائسة للحؤول دون الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية ضدهم.
- لكن لم يمر وقت قصير حتى نشبت الحرب ودخل الحلفاء فيها من موقع أكثر ضعفاً بكثير بعد تخليهم للألمان عن منطقة صناعية حيوية من الناحية العسكرية، وأتاحوا لهم الوقت لتعظيم قوتهم العسكرية. وكانت النتيجة مقتل عشرات الملايين من البشر. لقد كان من الممكن تجنب حدوث ذلك لو بادر الفرنسيون والبريطانيون إلى شن حرب وقائية بدلاً من تقديم تنازلات خطرة للنازيين حين كانوا لا يزالون ضعفاء.
- إن الخيار المطروح اليوم أمام العالم ليس الاختيار بين الدبلوماسية والحرب الوقائية كما كان سنة 1938، فلدينا اليوم خيار ثالث هو الإبقاء على العقوبات الاقتصادية من دون تغيير لا بل تشديدها، وفي المقابل إبقاء خيار الهجوم العسكري مطروحاً على الطاولة. إن هذا المزيج هو الذي دفع إيران إلى طاولة المفاوضات، وهو دون سواه سيجبر الإيرانيين على التخلي عن طموحهم في الحصول على السلاح النووي.
- إن تخفيف العقوبات اليوم مقابل التعهد بالمحافظة على الستاتيكو، دبلوماسية سيئة ودليل ضعف خاصة وقت نحتاج إلى إظهار قوة.
- تقف زعامة الجالية الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة والزعامة الإسرائيلية موقفاً موحداً يتمسك بضرورة عدم تخفيف العقوبات مقابل تعهد إيراني بتجميد المشروع النووي. فالليبراليون والمحافظون، والحمائم والصقور، كلهم مجمعون على أن السبيل الأفضل من أجل منع تحول إيران دولة نووية ومن أجل تفادي هجوم عسكري، هو الإبقاء على العقوبات القاسية في مقابل مواصلة العملية الدبلوماسية.
- وكالعادة، فإن الجهة الوحيدة التي تخرج عن هذا الإجماع هي منظمة جي- ستريت [التي تمثل التيار اليساري بين يهود الولايات المتحدة]، وتبدو مواقفها الموالية لإسرائيل موضع شك أكثر فأكثر مع مرور الزمن. حتى فترة قريبة، كانت جي- ستريت تؤيد العقوبات القاسية كبديل للخيار العسكري. لكنها اليوم ومع مطالبة إسرائيل ومؤيديها بعدم تخفيف العقوبات، يبدو أنها أصبحت تؤيد وجهة نظر تشامبرلين، أي تقديم تنازلات كبيرة مقابل تعهدات جوفاء، وإضعاف موقفنا في المفاوضات، وزيادة خطر أن تضطر الولايات المتحدة إلى القيام بعملية عسكرية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
- في مثل هذا الوقت، يتعين على المجتمع المؤيد لإسرائيل كله الوقوف صفاً واحداً ضد الصفقة المقترحة على الإيرانيين. فهذه الصفقة سيئة بالنسبة للولايات المتحدة وللغرب ولإسرائيل، والشعب الإسرائيلي موحد في رفضه لهذه الصفقة السيئة.
- أما الكونغرس الأميركي فلديه شكوك إزاءها، ولا خلاف في هذا الشأن بين الليبراليين والمحافظين. فالليبراليون الذين ينظرون إلى العملية العسكرية بصفتها ملاذاً أخيراً يجب عليهم معارضة الصفقة، والمحافظون الذين يتخوفون من إيران نووية يجب عليهم معارضة الصفقة أيضاً.
- وفي الواقع، يتعين على جميع الشخصيات المهمة والعاقلة أن تدرك أن تخفيف العقوبات من دون مطالبة الإيرانيين بتفكيك مشروعهم النووي هو بمثابة كارثة.