أهم الثغرات في الاتفاق المطروح بين الغرب وإيران بشأن المشروع النووي الإيراني
تاريخ المقال
المصدر
- لا سبب يدعو إلى الابتهاج لأن جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف لم تثمر عن اتفاق. فالطرفان اتفقا تقريباً على إطاره وعلى جزء من تفاصيله. ما تزال هناك حاجة إلى إجراء المزيد من المحادثات، وربما يدفع الاحتجاج الإسرائيلي حكومات الغرب إلى إظهار المزيد من التشدد في مواجهة إيران. لكن الاتفاق لم يعد بعيداً، والسبب بسيط: فالإيرانيون بحاجة ماسة إلى اتفاق للبدء برفع العقوبات عنهم؛ في حين ترغب الدول الست العظمى في الاتفاق على أمل أن يكبح ذلك المشروع النووي الإيراني.
- إن معظم بنود الاتفاق التي جرت الموافقة عليها نشرت علناً. وعلى افتراض أنها صحيحة، فإن الاتفاق سيكون لمدة ستة أشهر يوقف خلالها الإيرانيون تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%- التي تقربهم من القدرة على التخصيب العسكري- ويحولون اليورانيوم المخصب على هذه الدرجة إلى وقود ذري، ويخفضون عدد أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم بنسبة 3,5%، ولن يستخدموا أجهزة الطرد المتطورة التي طوروها، لكن لن يكون مطلوباً منهم وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5%. كما يتعهد الإيرانيون بعدم استخدام مفاعل المياه الثقيلة الذي يجري بناؤه في أراك، والذي يمكن بواسطته إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه أيضاً في صنع السلاح النووي. لكن لن يطلب منهم وقف بناء المفاعل مما يلقي بظلاله على أهمية موافقة الإيرانيين في هذا الشأن نظراً لأن المفاعل اليوم ليس قيد الاستعمال. كما يوافق الإيرانيون على رقابة دولية شديدة على منشآتهم النووية.
- لقد كانت فرنسا من عرقل إنجاز الاتفاق في الجولة الأخيرة من المحادثات بحجة أن الاتفاق بشأن مفاعل أراك، ومخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% ليس كافياً.
- وفي الواقع فإن الفكرة التي تكمن وراء إطار الاتفاق تبدو صحيحة. إذ تدعي الإدارة الأميركية أن مفاوضات شاملة على جميع البنود الإشكالية للمشروع النووي الإيراني قد تستمر أعواماً عدة سيواصل خلالها الإيرانيون التقدم في مشروعهم وسيستخدمون أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وسيزيدون مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، كما أنهم سيستخدمون مفاعل أراك، بينما الاتفاق الأولي المقترح سيكبح المشروع النووي الإيراني لمدة نصف سنة، وسيرجع إلى الوراء عدداً من النشاطات. وفي المقابل تقوم الحكومات الغربية بتقليص الضغط الاقتصادي [على إيران] من دون المس بالعقوبات الأساسية. خلال تلك الفترة ستجري محادثات من أجل التوصل إلى الاتفاق الشامل. وإذا لم يتحقق هذا الاتفاق، وعاد الإيرانيون إلى سيرتهم الأولى، سيكون في الإمكان تشديد العقوبات مجدداً.
- لكن الاتفاق الأولي يشتمل على عدد من الثغرات البارزة التي تقلل من حسناته. أولاً: إن هذا الاتفاق قد يكون مفيداً لو كان المشروع النووي في بدايته، في حين أنه صار في مرحلة متقدمة، وباتت إيران قادرة على تصنيع بضعة قنابل نووية خلال أشهر قليلة من اتخاذها قراراً بذلك. كما أن الاتفاق المقترح لا يمس قدرة إيران على التقدم نحو السلاح النووي.
- ثانياً: يبدو أن العقوبات التي سيجري تخفيفها أوسع بكثير مما قيل في البداية لإسرائيل، وهذا سيمنح إيران مجالاً مهماً للتنفس اقتصادياً. والأهم من ذلك، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، فإن إعادة فرض العقوبات يبقى ممكناً، لكن لا شيء يضمن نجاحها نظراً لعدم حماسة العديد من الدول لذلك.
- ثالثاً: يشكل الاتفاق اعترافاً عملياً بحق إيران في تخصيب اليورانيوم - بعكس قرار مجلس الأمن الذي لم تحترمه إيران- وهذا اعتراف من الصعب إبطاله. وما الذي سيجري في حال لم يتم التوصل بعد نصف سنة إلى اتفاق؟ هل ستعود إيران إلى مشروعها بحجة أن الدول العظمى اعترفت بحقها في تخصيب اليورانيوم وبناء مفاعل أراك؟ ويمكننا أن نضيف إلى ذلك نقطة مقلقة أخرى، فإيران دخلت المحادثات من موقع ضعف بسبب العقوبات، ولكن الولايات المتحدة تبدو – على الأقل في نظر إسرائيل والسعودية وربما إيران- مفتقرة إلى الصرامة، ويبدو الفرنسيون أكثر تشدداً منها.
- لقد جرى فرض العقوبات على إيران بفضل الموقف الإسرائيلي والتهديد بعملية عسكرية. وفي حال تم التوصل إلى الاتفاق المطروح، ستحصل إيران على ضمانات بعدم التعرض لهجوم أميركي، على الأقل ما دام الاتفاق سارياً. في مثل هذا الوضع سيكون من الصعب جداً حتى على إسرائيل القيام بعملية عسكرية يمكن أن تؤدي إلى انهيار الاتفاق. ومما لاشك فيه أنه عندما سيدخل الهجوم العسكري مرحلة من التجميد العميق، فإن هذا سيلحق الضرر بالقدرة على الضغط على إيران.