إن لم تتحرر الحركة الفلسطينية من قيدها التاريخي فستحطم طموح شعبها للاستقلال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      تدل قراءة التاريخ الفلسطيني على فشل بنيوي عميق يرافق هذا التاريخ طوال سنوات عديدة، هو عدم القدرة على إقامة مؤسسات تستند إلى إجماع وطني ويمكن أن تشكل الأساس لقيام دولة.

·      بدأ هذا الفشل في فترة الانتداب البريطاني، الذي سمح للعرب واليهود بإقامة أطر للحكم الذاتي تعتني بالتربية والاقتصاد والتنمية والرفاه. وبينما استغل "الييشوف"* اليهودي ذلك لترسيخ منظومة متشعبة من الحكم الذاتي أصبحت "منظومة الدولة العتيدة"، لم يفلح الجمهور العربي في إقامة منظومة مؤسساتية موازية.

·      هذا الضعف عبر عن نفسه في الأعوام 1936-1939 التي اندلعت خلالها "الثورة الكبرى" ضد السلطة البريطانية. فلم تقم قيادة موحدة للثورة، وسرعان ما تدهورت إلى حرب أهلية عربية. وظهرت صورة مماثلة في أعقاب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة. وباستثناء الشيوعيين القليلي العدد كان الفلسطينيون موحدين في رفض التقسيم، لكن لم يفرزوا قيادة سياسية وعسكرية موحدة، وكان غياب هذه القيادة من أسباب الضعف الذي اعتراهم في عامي 1947 – 1948.

·      ما نراه الآن في غزة، والمقصود عدم قدرة الفصيلين الفلسطينيين (فتح وحماس) على إقامة إطار مشترك، هو تكرار للفشل التاريخي المذكور لدى الفلسطينيين.

·      العالم العربي برمته لا يتميز ببناء مؤسسات، وبالأساس مؤسسات ديمقراطية. وحتى الآن لم تتفوق الحركة الفلسطينية على هذا الميراث العربي. وهذا سيكون امتحانها الرئيسي في المستقبل القريب. إذا لم تعِ هذه الحركة القيد التاريخي الذي تحمله على كاهلها وتسارع إلى التحرر منه، فستتحطم طموحات الفلسطينيين الشرعية إلى الاستقلال على صخرة الواقع الداخلي الصعب المرافق لحركتهم الوطنية منذ بداية طريقها.

___________

* كناية عن الوجود اليهودي في فلسطين قبل سنة 1948.