· قبل أقل من نصف عام، ولدى إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية، بدا أن الصراع على السلطة في مصر ما بعد مبارك قد حسمته الأحزاب الإسلامية التي حققت فوزاً ساحقاً على أخصامها. فقد نجح الإخوان المسلمون وأخصامهم السلفيون في الحصول على 75٪ من أصوات الناخبين، وأثبتوا بهذه الطريقة أن الإسلام هو مستقبل مصر.
· لكن يبدو أن فرحة المنتصرين في الانتخابات، كذلك رعب الغرب وإسرائيل من نتائجها، كانا سابقين لأوانهما، إذ يظهر اليوم أن الصراع السياسي في مصر لن يُحسم في وقت قريب.
· ويدور هذا الصراع بين الإسلاميين الذين يتطلعون إلى تحويل مصر إلى دولة تطبق الشريعة الإسلامية، وبين أنصار التيار السياسي الراغبين في المحافظة على التوازن الذي كان قائماً بين الدين والدولة حتى الآن والحؤول دون وقوع مصر في أيدي الإسلاميين وحلفائهم.
· وبالأمس استطاع أنصار هذا التيار السياسي أن يحققوا إنجازين مهمين. فقد ألغت المحكمة الدستورية العليا، المؤلفة من أتباع النظام السابق، القانون الذي أقرّه البرلمان المصري الذي يسيطر عليه الإخوان المسلمون، والقاضي بمنع ترشح أحمد شفيق لرئاسة الجمهورية. كما أصدرت هذه المحكمة حكماً أبطلت فيه الانتخابات البرلمانية التي حقق فيها الإسلاميون نصراً كبيراً، وذلك لسبب تقني خالص، وهو كون الأحزاب الإسلامية تنافست على ثلث المقاعد المخصصة للمرشحين المستقلين.
يعيد هذا الحكم مصر إلى نقطة الصفر، وهو يعني عودة الصراع إلى نقطة البداية، على أن يكون الحسم في هذا الشأن في ثلاث ساحات: أولاً، في ميدان التحرير، حيث سيحاول الإخوان المسلمون حشد مؤيديهم فيه ضد قرار المحكمة؛ ثانياً، في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نهاية الأسبوع والتي ستحدد هوية الرئيس المصري المقبل؛ ثالثاً، في البرلمان، حيث سيحاول الإسلاميون استعادة الإنجازات التي حققوها في الانتخابات الماضية.