من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
يُستنتج من حديث صحافي أدلى به ضابط رفيع المستوى أمس أن الجيش الإسرائيلي شديد القلق من تعاظم قوة حركة حماس في قطاع غزة، لكن ليس إلى حد يدفعه إلى التوصية بشن حملة عسكرية كبرى في القطاع قريباً. علاوة على ذلك، يبدو أن سيطرة حماس على القطاع، من خلال تحطيم حركة فتح، تبعد الصدام مع اسرائيل، إذ لا يوجد لدى حماس في هذه اللحظة مصلحة في مواجهة عسكرية مباشرة. أما إسرائيل، فعلى الرغم من علمها أن حماس تعمل على تحسين قدراتها العسكرية إلى درجة كبيرة، إلا أنها غير قادرة في هذه اللحظة على حشد اتفاق داخلي يمكّنها من شن هجوم كبير.
السبب الأساسي لذلك يتعلق بالخشية من الخسائر البشرية. فدخول قوات برية كبيرة الحجم إلى القطاع سيكلف الجيش الإسرائيلي إصابات في الأرواح. وسيؤدي إلى قصف مكثف على سديروت ومستوطنات النقب الغربي. وإذا لم يكن واضحاً للقيادة السياسية وهيئة الأركان العامة أن في الإمكان، في نهاية هذا الجهد العسكري، تحقيق تغيير فعلي في موازين القوى مع حماس، فلن يتم اللجوء إلى تنفيذ مثل هذه الحملة.
أدلى الضابط بتفصيلات مقلقة للغاية عن عملية تسلح حماس في غزة. وقال إن محور فيلادلفي مخترق تماماً. والأمر الذي تفاقم بعد الانفصال عن القطاع (أي إدخال الأسلحة إلى غزة) اكتسب شرعية كاملة في نظر الفلسطينيين مع سيطرة حماس على القطاع. وما عاد الأمر مسألة تهريب وإنما استيراد. وذكر أنه في أحد الأشهر المنصرمة نقل من سيناء إلى القطاع، عبر منطقة رفح، نحو 20 طناً من المواد المتفجرة. وتفترض الجهات الاستخبارية في إسرائيل أن في حوزة حماس كمية قليلة من الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ مضادة للدبابات من طراز ساغر.
وفي الوقت نفسه حدث تحسن مطرد في (مواصفات) صواريخ القسام التي تمتلكها الحركة. ويمكن الافتراض أن خلال الفترة القريبة المقبلة سيكون لدى حماس صواريخ كاتيوشا أو صواريخ مطورة محلياً يبلغ مداها نحو 20 كم ذات قوة تدميرية أكبر.
ووصف الضابط التطورات التي شهدها القطاع خلال العامين الفائتين بأنها "قفزة تعادل جيلاً" في قدرات حماس. ولدى الحركة قوة عسكرية تنمو باطراد، وتتألف من نحو 13 ألف عنصر مجهزين بالأسلحة، ويحكمهم الانضباط، ويخضعون لبنية تنظيمية منسقة مؤلفة من أربعة ألوية. وهم يمتلكون عقيدة قتالية تقوم على مراكمة القدرة على تنفيذ عمليات هجومية متطورة، وانتشار دفاعي محصن يمكنه أن يكبد الجيش الإسرائيلي ثمناً باهظاً في حالة القيام باجتياح جديد.
ويقدّر الجيش أن إسرائيل وحماس تسيران على خط الصدام، وأن المهلة الزمنية المتاحة لإسرائيل للعمل ليست من دون حدود. وكلما استمرت عمليات التهريب ازدادت قوة حماس وباتت معالجتها أكثر صعوبة ولا سيما أن الحركة ترسل المزيد من عناصرها إلى دورات تأهيل مكثفة في معسكرات تدريب في إيران.
غير أن أسلوب عمل الجيش الإسرائيلي في القطاع يبقى دفاعياً أساساً، ويهدف إلى اعتراض المجموعات التي تقوم بعمليات بالقرب من السياج الحدودي، واعتقال المطلوبين. وبحسب ما تبدو الأمور عليه في هذه المرحلة، فإن إسرائيل لن تنفذ عملية كبرى قريباً. والتهديد الحماسي، مهما يكن مقلقاً لا يقترب من قدرات حزب الله أو سورية. ولا تنظر القدس إلى الإرهاب اليومي، على الرغم من أنه يطال حياة سكان سديروت، على أنه مشكلة استراتيجية تتطلب الحل الفوري. ومن المتوقع أن تبقى العمليات التي تنفذ انطلاقاً من القطاع، في الوقت الراهن، محدودة نسبياً. لذا من الصعب أن نلاحظ في إسرائيل حماسة للقيام بعملية برية كبرى.
وقال الضابط في حديثه الصحافي (معاريف، 19/7/2007): "لا أتوقع أن يقوم المصريون أو الأوروبيون والأميركيون بكبح حماس. والجهة الوحيدة التي يمكنها أن تمنع تعاظم قوتها هي إسرائيل. لدينا خطط منسقة. وتدربنا عليها. نحن قادرون، ويوجد تعليمات في هذا الشأن".
وأضاف الضابط: "ما هو الهدف؟ ما هي القوات؟ على هذا الأساس خضعت ألوية الجيش لتدريبات في مطلع العام". وألمح الضابط إلى أن من الضروري استغلال الفرصة التي نجمت عن سيطرة الحركة على قطاع غزة وقال: "من الواضح أنه يجب استغلالها".
وخلص الضابط إلى القول: "قد يستغرق الأمر أشهراً أو سنة أو سنتين. إننا نسير على خط الصدام، ولا أرى ما يحرف حماس عن هذا الخط. إذا لم يكن هناك حل سياسي فهناك حل عسكري. لدينا حل، لكن لذلك ثمناً".