على إسرائيل عدم الاعتماد المفرط على الغاز لإنتاج الكهرباء في ظل عدم استقرار الوضع الجيو - سياسي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يعدّ اكتشاف مخزون الغاز في البحر الأبيض المتوسط في الأعوام الأخيرة إنجازاً بالنسبة إلى المستثمرين، لكنه اليوم يلحق أضراراً واضحة بالاقتصاد الإسرائيلي، ويتسبب بفوضى في تطوير مصادر الطاقة وإنتاج الكهرباء تشبه الفوضى التي تتسبب بها التهديدات بالهجوم على إيران، مع فارق أن التهديدات ضد إيران قد ينجم عنها ربح معين، في حين أن الفوضى في مجال الطاقة سيدفع ثمنها مستهلكو الكهرباء.

·       إن الاعتماد على الغاز المصري، والتوقعات باستخدام الغاز الإسرائيلي، دفعا بالبيروقراطية الإسرائيلية إلى منع تطوير محطات الكهرباء العاملة على الفحم. وبهذه الطريقة تحولت إسرائيل إلى رهينة التقلبات السياسية في العالم العربي، وجشع وطمع رجال الأعمال الإسرائيليين والأجانب، الذين هم على صلة بصفقات الطاقة.

·       لقد جاء في ورقة عمل قُدمت إلى مؤتمر هرتسليا الأخير بعنوان "استقلالية إسرائيل في مجال الطاقة في ظل الاكتشافات الأخيرة للغاز"، أن شبكة الكهرباء التي يجري العمل على إنجازها حتى نهاية هذا العقد ستولد نحو 60٪ من الكهرباء بواسطة الغاز، الأمر الذي ينطوي على مخاطر عالية. وذكرت الورقة أن بريطانيا وسنغافورة، اللتين تعتبران سباقتين في إنتاج الكهرباء من خلال الغاز، تعتمدان على ثلاثة مصادر للتزود بالغاز. وهذا الأمر تجاهله المشاركون في المؤتمر، إذ قال مدير عام شركة كهرباء إسرائيل يفتاح رون طال، إن إسرائيل ستنتج 100٪ من كهربائها بواسطة الغاز، وذلك اعتماداً على مصدر واحد للتزود بالغاز، الذي هو موضع تهديد ومن دون وجود احتياطي للطوارىء.

·       حتى الآن، فإن مخزون الغاز الذي اكتُشف في البحر الأبيض المتوسط، والذي قد يتسبب بأزمات سياسية وعسكرية بين إسرائيل وتركيا، هو مخزون ضئيل نسبياً ويغطي الاستهلاك المحلي فقط. صحيح أن هناك توقعات باكتشافات كبيرة، إلاّ إنها لم تتحقق حتى الآن.

·       إن الاكتشافات الحالية للغاز لا تبرر تطوير بنية تحتية لتصديره، وعلينا ألاّ ننسى أن أسعار الغاز تتغير مثلما تتغير أسعار سائر منتوجات الطاقة. من هنا، فإن الاستثمارات التي قد تقوم بها إسرائيل نفسها، أو من خلال الالتزام بشراء الغاز من شركات في القطاع الخاص لعشرات الأعوام، قد تكون استثمارات خاسرة في حال حدوث انخفاض في أسعار الطاقة في العالم، أو في حال تطوير أنواع جديدة من الطاقة.

·       بناء على ذلك، يتعين على إسرائيل، في ظل عدم استقرار الوضع الجيو - سياسي، عدم الاعتماد المفرط على الغاز من أجل إنتاج الكهرباء، كذلك عليها أن تفرض قيوداً على استخراج الغاز من المخزون في البحر الأبيض المتوسط. بيد أن هذا الأمر من شأنه تقليص أرباح شركات الطاقة، الأمر الذي لن يروق لها. ولذا، فإن الحل يكمن في تأميم حقول الغاز، وهو حل منطقي نظراً إلى أن منتوجات الطاقة تعدّ مرفقاً استراتيجياً ضرورياً في عمل الدولة.

·       ونظراً إلى كون إسرائيل تملك حقولاً للغاز فإن في إمكانها تطوير هذه الحقول، أو الامتناع من ذلك، وفقاً لما يتلاءم مع شروط السوق، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الاستراتيجية والاقتصادية على المدى البعيد. فالمستثمرون في القطاع الخاص، المعفيون أيضاً من دفع ملايين الشيكلات التي تصرف على الحماية العسكرية لهذه الحقول، لا يأخذون هذه العوامل بعين الاعتبار.

·       إن تأميم الغاز أمر منطقي، لكن السياسيين والبيروقراطيين، الذين يحاولون في نهاية الأمر أن يجدوا لأنفسهم وظيفة لدى شركات الغاز، ينشغلون بأمور تافهة ويتخوفون من الدخول في مواجهة مع هذه الشركات التي استأجرت دفاعاً عن مصالحها مجموعات ضغط تتألف من ضباط كبار كانوا حتى وقت قريب مسؤولين عن أمن الدولة، وباتوا اليوم شركاء في الأذى اللاحق بأمن الطاقة في إسرائيل.