على نتنياهو التخلي عن شركائه السياسيين إذا كان يرغب فعلاً في التسوية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يمكننا أن نحب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو نكرهه، لكن لا يمكننا تجاهل النجاحات التي حققها. فمنذ وصوله إلى السلطة تتمتع إسرائيل بهدوء أمني وبنمو اقتصادي وباستقرار سياسي لم تعرفه في العقد الأخير. ويبدو أن الجمهور الإسرائيلي يفضل الجمود السياسي والأمني لنتنياهو على سياسة رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت الذي جمع بين الشجاعة السياسية والمغامرة العسكرية. فالإسرائيليون يحبون استمرار الوضع القائم، ولا يريدون زعزعته بمبادرات سلام أو بحروب، لذلك تلائمهم سلبية نتنياهو.

·       لقد أثبتت السياسة الخارجية لنتنياهو أنه دبلوماسي ناجح يعرف كيف يدير الأزمات ويحوّلها إلى فرص، فهو استغل الصعوبات السياسية التي يواجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما كي يتخلى عن تجميد الاستيطان ويرفض مبادرة السلام الأميركية. كذلك صحّت تقديراته فيما يتعلق بإمكان الالتفاف على الرئيس الأميركي بمساعدة الجالية اليهودية في أميركا والكونغرس، فأوباما يخوض معركة إعادة انتخابه لولاية ثانية، ويدلي بتصريحات ودية عن إسرائيل على الرغم من أنه لا يطيق نتنياهو ولا سياسته.

·       وعندما اختلفت تركيا مع إسرائيل بسبب أسطول المساعدات التركي إلى غزة، سارع نتنياهو إلى إقامة حلف استراتيجي مع اليونان. وعندما تضعضعت علاقات أنقرة مع دمشق، وباتت اليونان على حافة الانهيار الاقتصادي، تقرّب نتنياهو مجدداً من رجب طيب أردوغان. كذلك استغل نتنياهو اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس" كي يتحرر من الضغط الدولي من أجل تقديم تنازلات للفلسطينيين، وكي يحافظ على حرية تحركه. وحالياً يحارب مبادرة محمود عباس من أجل الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، فقد بدأت تظهر منذ الآن بوادر ضعف في موقف عباس على الرغم من أن موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يزال بعيداً.

·       لقد عززت الثورة في العالم العربي مكانة إسرائيل، ولا سيما أنه لم يعد للولايات المتحدة ولشركائها الأوروبيين حلفاء غيرها في المنطقة. فالأنظمة العربية إمّا انهارت وإمّا تحارب من أجل بقائها، في حين تبدو إسرائيل وحدها جزيرة الاستقرار ودولة مؤيدة للغرب من دون تحفظ. في هذا الوقت تواصل إيران مشروعها النووي، إلاّ إنها تعاني من صراعات داخلية وتواجه صعوبة في الدفاع عن حكم حليفها السوري بشار الأسد. فلا يوجد ما يضغط على نتنياهو كي يخوض حرباً استباقية متسرعة ضد إيران، لكن ليس هناك أيضاً من يوقفه في حال قرر إرسال سلاح الجو إلى نتانز وبوشهر وقم.

·       وليس غريباً والحال هذه أن يتجاهل نتنياهو تحذيرات إيهود باراك وشمعون بيرس من "تسونامي سياسي" ومن "الاصطدام بالحائط". وبدلاً من الإصغاء إليهما نراه يحتفل مع زملائه من اليمين المتطرف بـ "انتصاره على أوباما".

·       إن المشكلة هي أن مواقف نتنياهو بعيدة عن مواقف ائتلافه التي تتجه بعنف نحو اليمين، فتصريحات نتنياهو بشأن الدولة الفلسطينية يرفضها حلفاؤه الذين يدافعون عن ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وكلام نتنياهو في الجلسة الأسبوعية للحكومة، الذي كشفه مراسل "هآرتس"، عن رغبته في الانفصال عن الفلسطينيين والحفاظ على أغلبية يهودية كبيرة داخل الحدود المستقبلية لإسرائيل، هو أقرب إلى مواقف أولمرت منه إلى مواقف عوزي لانداو [وزير البنى التحتية] وليمور ليفنات [وزيرة الثقافة والرياضة].

·       إذا كان نتنياهو يؤمن بتقسيم البلد، كما أعلن في الكونغرس وفي الكنيست وفي جلسة الحكومة، عليه إذاً أن يغير شركاءه السياسيين، فلا سبيل آخر لتحقيق رؤيته السياسية التي تحظى بتأييد أغلبية الجمهور. كذلك على تسيبي ليفني تولي وزراة الخارجية بدلاً من ليبرمان من أجل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وكي يقتنع العالم بأن إسرائيل جدية ولا تبحث عن ذرائع لمواصة احتلالها للضفة ولتوسيع الاستيطان.

·       وفي حال واصل نتنياهو تحالفه مع ليبرمان والحاخامين في المستوطنات فإنه سيدفع الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة. وكي لا تتحقق النبوءات المتشائمة لوزير الدفاع ورئيس الدولة، فإن على نتنياهو تشكيل ائتلاف جديد.