اقتراح باراك الانسحاب الأحادي سيجعل وسط إسرائيل في مرمى صواريخ القسام
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يعاني بعض القادة العسكريين الذين تحولوا إلى سياسيين من عارض اسمه الانسحاب الأحادي الجانب. صحيح أنه في أوضاع معينة، ومن أجل تقليص الخسائر، يشكل الانسحاب الأحادي الجانب استراتيجيا صائبة، إلاّ إنه يشكل في أحيان كثيرة استراتيجيا غير صحيحة.

·       هناك اثنان من قادتنا العسكريين من مؤيدي هذا الخط: الأول هو أريئيل شارون الذي قرر الانسحاب الأحادي الجانب من غوش قطيف واقتلع بالقوة 8000 مواطن إسرائيلي من منازلهم، متوقعاً أن يؤدي ذلك إلى التخفيف من مشكلات إسرائيل الأمنية ويدفع بالعملية السلمية قدماً. أمّا الثاني فهو وزير الدفاع إيهود باراك، المعروف بتأييده الانسحاب الأحادي الجانب، معتقداً أن هذا هو السبيل لحل مشكلاتنا ولكبح التسونامي الذي كان يعتقد أنه يلوح في الأفق.

·       كانت أول مناسبة لباراك لتطبيق هذه الفكرة في سنة 2000، عندما قرر يومها، وكان رئيساً للحكومة ووزيراً للدفاع، الانسحاب الأحادي الجانب من الحزام الأمني في جنوب لبنان، والتخلي عن حليفنا جيش لبنان الجنوبي، الأمر الذي قرب مقاتلي حزب الله من مستوطناتنا الشمالية. لقد اعتقد باراك يومها أن خطوته ستحول حزب الله من تنظيم إرهابي إلى حزب سياسي لبناني يتخلى عن سياسة الهجوم على إسرائيل، وأن  صمودنا على الحدود الدولية سينجح في ردع الحزب. لكن هذا لم ينجح.

·       ويبدو أن الأخطاء التي ارتكبها باراك لم تدفعه إلى تغيير مساره، فعندما انتقل إلى معادلة "الأرض مقابل السلام" عرض على السوريين الجولان في مقابل كبحهم حزب الله. ومن حسن حظنا أن هذه الخطة لم تنجح. إذ من المعلوم أن تقديم أراض مقابل السلام يعدّ خطوة غير ناجحة، ولا تردع التنظيمات الإرهابية.

·       لقد احتفل حزب الله بانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني [سنة 2000]، وعزز سيطرته على لبنان، وجمع مخزوناً كبيراً من الصواريخ أطلقها على السكان المدنيين في إسرائيل خلال حرب لبنان الثانية [تموز/ يوليو 2006]، والتي كانت نتيجة مباشرة للانسحاب الأحادي الجانب. أمّا اليوم، فإن عدد الصواريخ التي في حيازة حزب الله هو أضعاف الأضعاف، وهي تشكل تهديداً لكل أراضي إسرائيل. وفي حال لم يتم القضاء على هذا المخزون من الصواريخ، فإنها ستُطلق ضد سكان إسرائيل متى أرادت إيران، أو أراد حزب الله ذلك.

·       وعلى ما يبدو، فإن باراك غير قادر على التخلص من فكرة الانسحاب الأحادي الجانب، لأنه يطرح اليوم انسحاباً أحادياً من يهودا وشومرون [الضفة الغربية]، الأمر الذي سيجعل سكان وسط إسرائيل في مرمى صواريخ القسام التي ستُطلق من هناك.

·       والراهن أنه طوال أعوام، وبالتدريج، ومن دون أن يشعر أحد، صار سكان إسرائيل على خط الجبهة في أثناء الحرب. وجرى التخلي عن استراتيجيا بن - غوريون، التي كانت تعطي أهمية قصوى لأمن المواطنين. وهذا ما حدث أولاً على الحدود الشمالية، ثم في مستوطنات غلاف غزة، وبعد ذلك في جنوب البلد، بحيث بتنا اليوم أمام وضع سيكون فيه سكان إسرائيل أول الضحايا، في حال وقوع هجوم صاروخي أو حدوث حرب شاملة.

لقد نجت إسرائيل في حرب لبنان الأولى [1982]، وفي عملية الجدار الواقي [سنة 2002]، وفي الانتفاضة الثانية في التغلب على الإرهاب. ومع أننا أثبتنا قدرتنا على القضاء على الإرهاب، فقد اخترنا استراتيجيا الردع والانسحاب الأحادي الجانب ومعادلة "الأراض مقابل السلام"، على الرغم من عيوبها. ويتم تطبيق هذه الاستراتيجيات على حساب السكان المدنيين الذين تحولوا اليوم إلى شريك كامل للجيش الإسرائيلي في الحرب ضد أعداء إسرائيل.