· تصادف هذا الأسبوع ذكرى مرور 30 عاماً على حرب لبنان الأولى [التي بدأت في حزيران / يونيو 1982]. وكانت هذه الحرب أول حرب محدودة النطاق وغير شاملة، وأول حرب تخوضها إسرائيل ضد منظمة (منظمة التحرير الفلسطينية) لا ضد دولة. ويمكن القول إن هذين الأمرين تسببا بتغيير طبيعة كل الحروب التي خاضتها إسرائيل بعد تلك الحرب، والتي تعتبر مختلفة تماماً عن "الحروب العادية" بين الدول والجيوش النظامية.
· لعل أول درس يجب استخلاصه من حرب لبنان الأولى، وربما يعتبر الدرس الأهم، هو ضرورة الإقرار بأنه في حرب من هذا النوع ثمة فجوة كبيرة بين قدرات الجيش الإسرائيلي وبين النتائج المتوقعة منه، وخصوصاً من جانب القادة السياسيين ووسائل الإعلام والجمهور العريض. وبطبيعة الحال هناك أربع نتائج متوقعة من الجيش هي: أولاً، تحقيق انتصار مطلق؛ ثانياً، تحقيق انتصار سريع؛ ثالثاً، تحقيق انتصار من دون دفع ثمن باهظ في الأرواح؛ رابعاً، الامتناع من إلحاق أضرار بالمدنيين الأبرياء. غير أن الجيش لا يمكنه بأي حال من الأحوال تحقيق هذه النتائج المتوقعة منه. ولا بد من القول إن المؤسسة السياسية والقيادة العليا للجيش هما اللتان تتحملان المسؤولية الأساسية عن وجود هذه الفجوة بين القدرات الحقيقية للجيش وبين النتائج المتوقعة منه.
· الدرس الثاني الذي يجب استخلاصه يتعلق بطول مثل هذا النوع من الحرب. فعندما بدأت حرب لبنان الأولى قيل إنها ستستمر يومين على الأكثر، وبعد ذلك قيل إنها ستستمر ثلاثة أيام، ثم قيل إنها ستستمر ستة أيام، ولم يكن أحد يدرك أنها كانت في بدايتها وأنها ستستمر 18 عاماً [حتى الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من جنوب لبنان في أيار/ مايو 2000].
· إن السؤال الذي يجب طرحه هو: هل استخلصنا الدروس اللازمة من هذه الحرب؟ أعتقد أننا استخلصنا ما يجب أن نستخلصه، على الأقل بصورة جزئية. ففي أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية [التي اندلعت في أيلول/ سبتمبر 2000] حرص الجيش الإسرائيلي على عدم التعهد بالوصول إلى نتائج لا يمكن تحقيقها، وذلك على الرغم من رفع شعار "دعوا الجيش ينتصر" في ذلك الوقت. كما حرص الجيش على أن يلائم بين النتائج المتوقعة من عملية "الرصاص المسبوك" التي جرى شنها على قطاع غزة في شتاء 2009 وبين القدرات الحقيقية التي يملكها. لكن يبدو أننا نسينا استخلاص الدروس اللازمة من حرب لبنان الأولى في أثناء حرب لبنان الثانية في صيف 2006.
لا ينبغي أن يكون فحوى الاستنتاج المطلوب من هذا الكلام هو أن تفعيل القوة العسكرية أصبح غير مجد، وإنما أنه يجب تخطيط الحروب الحالية بصورة مغايرة عن تخطيط الحروب العادية لسبب بسيط هو تغير طبيعة هذه الحروب كلياً.