فقط زعيم يميني يستطيع التوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين يحظى بتأييد أغلبية الإسرائيليين
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

  • قد تكون إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن فيها دراسة القرارات السياسية التاريخية بمصطلحات يقينيّة. فبعد مرور 66 عاماً على قيام الدولة، تبرز مفارقة لا تتغير هي أنه فقط رئيس حكومة من اليمين يستطيع أن يصنع السلام وأن يحصل على تأييد أغلبية الجمهور، في حين أن رئيس حكومة من اليسار يستطيع خوض حرب والحصول على أغلبية تلقائية. ولكن إذا تغير هذا الواقع السياسي اللامنطقي تحدث مأساة وطنية. وقد دفع إسحاق رابين ثمن مثل هذا الوضع الشاذ.
  • لقد خاضت حكومات اليسار على مر سنين حروباً صعبة حتى حدوث انقلاب سنة 1977 [صعود حزب الليكود إلى السلطة]. وخلال تلك الفترة، لم يعترض أحد على حرب الاستقلال [حرب 1948]، ولا على حرب سيناء [1956] أو حرب الأيام الستة [1967] لأنها كانت حروباً عادلة، ولأن اليمين السياسي لا يستطيع معارضة حرب ضد الأعداء قررها اليسار. في أيار/مايو سنة 1977 وصل زعيم حزب الليكود مناحيم بيغن إلى الحكم وقرر المضيّ في طريق السلام مع مصر لأنه كان يعرف أن نصف الشعب أي الوسط واليسار، يدعمانه.
  • عندما طُرح اتفاق السلام مع مصر على الكنيست لإقراره في آذار/مارس 1979 أيده 90 عضو كنيست وعارضه 18 عضواً أغلبيتهم من اليمين المتطرف. يومها قال زعيم حزب العمل شمعون بيرس: "صحيح نحن في المعارضة، لكننا لا نستطيع أن نكون معارضة للسلام".
  • في أيار/مايو 1987 توصل وزير الخارجية آنذاك شمعون بيرس، إلى اتفاق لندن الشهير [الذي وقعه بيرس مع العاهل الأردني الملك حسين والقاضي بأن يمثل الأردن مصالح الشعب الفلسطيني وبإعادة الضفة الغربية إلى إدارة المملكة الأردنية]. يومها وقف رئيس الحكومة إسحاق شامير ضد الاتفاق ورفضته الحكومة مما أدى إلى سقوطها والمضي نحو انتخابات، من دون أن تحدث كوارث شخصية.
  • لكن رابين شذ عن القاعدة، فقد جاء من اليسار واستطاع التوصل إلى اتفاق سياسي بعيد المدى هو اتفاق أوسلو، بيد أن اليمين عارضه بشدة. وتظهر الحسابات السياسية أنه لم يكن يحظى بأغلبية وسط الجمهور. ونحن ننسى أنه عشية انتخابات سنة 1992 بدا رابين ممثلاً لليمين، الأمر الذي ساعده على الفوز في الانتخابات. يومها أعرب رابين عن معارضته للتفاوض مع منظمة التحرير وتبنى خطة الحكم الذاتي، وفي المناظرة التاريخية التي جمعته مع إسحاق شامير في حزيران/يونيو 1992، قال "لا" للدولة الفلسطينية، و"لا" لحدود 1967 ولا لتقسيم القدس.
  • لقد أثارت اتفاقات أوسلو بلبلة لأنها خرقت المعادلة العقيمة القائمة في إسرائيل، وعلى الرغم من جميع الجهود التي بذلها رابين لم ينجح في أن يظهر ممثلاً لليمين. واستطاع اليمين تنظيم تظاهرات حاشدة لم يسبق لها مثيل في الهجوم على الحكومة وعلى رئيسها. ولم ينجح رابين في الحصول على أغلبية كبيرة في الكنيست، ففي الجلسة التي جرت في 5 تشرين الأول/أكتوبر سنة 1995، صوت مع الاتفاق 61 عضو كنيست وعارضه 59. وفي تلك الفترة تحول الكنيست والأجواء المحيطة به إلى مراكز أساسية للتحريض ضد رابين الذي اغتيل بعد شهر.
  • في سنة 2005 كان أريئيل شارون نموذجاً لرئيس حكومة آتٍ من اليمين وتحول نحو الوسط عندما أراد تنفيذ خطة سياسية كانت موضع خلاف: الانفصال عن غزة. يومها وقف اليسار إلى جانبه صفاً واحداً، في حين بقي اليمين منقسماً، ولدى تصويت الكنيست على خطة الانفصال عن غزة في شباط/فبراير 2005 صوت 95 عضو كنيست مع القرار وعارضه 40. بعدها انشق شارون عن الليكود وأسس حزب كاديما، ثم دخل المستشفى. لكن انتخابه في مطلع سنة 2006 أثبت أن أغلبية الجمهور أيدت الخطوة.
  • يوصلنا كل ما سبق إلى الخلاصة التالية: بنيامين نتنياهو زعيم يميني يستطيع اليوم أن يصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع الفلسطينيين والعالم العربي وأن يحظى بثقة الجمهور. وهو اليوم في الوضع الذي كان فيه بيغن من قبل. فإذا توصل إلى اتفاق معقول، فإن الوسط واليسار سيقفان إلى جانبه، وربما جزء من اليمين أيضاً. صحيح أن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الليكود، لكن هذا حدث سابقاً مع بيغن ومع شارون.
  • يتعين على نتنياهو ألا ينسى أنه عندما كان يتوصل إلى تسوية كان يحظى بأغلبية كبيرة. هذا ما حدث عندما توصل إلى اتفاق الخليل في كانون الثاني/يناير 1997 حين صوت 87 عضو كنيست مع الاتفاق وعارضه 19 فقط، وكذلك بالنسبة لاتفاق واي بلانتيشن في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 حين صوت 75 عضو كنيست معه وعارضه 19.
  • ما يمكن قوله، إن كل ما يحتاج إليه نتنياهو اليوم هو إيمان راسخ والكثير من الشجاعة.