إسرائيل ستبقى بمفردها إذا ما قررت شنّ هجوم على إيران
تاريخ المقال
المصدر
- في مساء يوم الخميس الفائت وداخل قاعة فخمة في فندق "لانكستر" في العاصمة البريطانية لندن، جلس مئات المدعوين بمن فيهم رؤساء الجالية اليهودية ومسؤولون كبار في المؤسسة السياسية البريطانية لحضور المؤتمر السنوي لـ"بيكوم" اللوبي الإسرائيلي الناشط في المملكة المتحدة.
- وتحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الحاضرين عبر الأقمار الصناعية، وتطرّق كما هو متوقع إلى الجهود التي تبذلها إيران من أجل امتلاك أسلحة نووية، وكرّر مقاربته المعهودة وهي إما أن تتجرد إيران من جميع قدراتها النووية وإما أن تكون إسرائيل مضطرة إلى تجريدها من هذه القدرات. وتضمن كلامه إشارة خفيّة إلى أنه حتى لو بقي بمفرده فلن يتردد في مهاجمة إيران من دون الولايات المتحدة. وهمس إليّ عضو برلمان بريطاني كان جالساً إلى جانبي: "ما الذي يتحدث عنه، وما الذي يحدث له؟ إن العمل من دون أميركا جنون".
- في المقابل فإن عاموس يادلين اختار مقاربة تخالف مقاربة نتنياهو. ويادلين هو لواء احتياط شغل في الماضي منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] وقائد سلاح الجو ويشغل حالياً منصب رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، وقد تمت دعوته إلى المؤتمر في آخر لحظة من جانب مؤسس "بيكوم" بعد أن قررت وزيرة العدل تسيبي ليفني إلغاء اشتراكها فيه عشية انعقاده.
- قال يادلين إنه على الرغم من أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تُعرّض إسرائيل لتهديد وجودي، علينا أن نكون واقعيين وألا نفرض على الإيرانيين والأسرة الدولية أن يتبنوا مقاربة نتنياهو الصفرية، أي كل شيء أو لا شيء. وأضاف أنه يجب على إسرائيل أن تطلب إلغاء أجزاء كبيرة من البرنامج النووي الإيراني، لكن لا بد أن تبقى في يد نظام آيات الله أجزاء ذات صلة ببرنامج تخصيب اليورانيوم لإنتاج الطاقة لأغراض سلمية.
- وحاول عضو البرلمان البريطاني الذي تحدث إلي، وسبق أن أشغل مناصب رفيعة في حكومات حزب العمال، أن يُبين أن بريطانيا ما زالت تلعق جراح مشاركتها مع الولايات المتحدة في حرب العراق، لافتاً إلى "أن المعلومات الاستخباراتية الخطأ التي اعتمدنا عليها وقرارات الأميركيين المتسرعة في أثناء الأعوام التي غرقنا خلالها في الوحل العراقي، أثبتت لنا الحاجة إلى إبداء حذر أكبر إزاء الدخول في أي حرب أخرى".
- وكما فهمت من الأحاديث التي أجريتها في لندن، فإن إسرائيل ستبقى وحدها إذا ما استقر رأيها على مهاجمة إيران. والولايات المتحدة وبريطانيا لا تنويان الانضمام إلى ما يشير إليه نتنياهو ضمناً حينما يعلن أنه سيرسل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي إلى أهداف في إيران حتى لو لم تنضم دول أخرى إلى الهجوم.
- لقد زار إسرائيل قبل عدة أيام السير جون سافرز رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني نظير جهاز الموساد الإسرائيلي. ويبدو لي أن الرسائل التي مرّرها إلى أصحاب اتخاذ القرارات عندنا هي أنه لا يجوز أن تظهر إسرائيل في العالم بمظهر الدولة التي تؤجّج حرباً وتدعو إلى حل الخلاف مع إيران بوسائل عسكرية.
- وأفترض من أحاديث خاصة أجريتها هنا في لندن، أن المسؤولين البريطانيين قالوا لنظرائهم في إسرائيل إن الولايات المتحدة وحدها تستطيع وقف المشروع النووي الإيراني. وقالوا إن الولايات المتحدة بخلاف ما يظن البعض، ما زالت القوة العظمى الوحيدة في العالم لكنها تختار سياسة براغماتية وسيضطر حلفاؤها إلى التعوّد عليها وإلى العمل بموجب الخطوط التي ترسمها.
- وفي مقابل ذلك، يعتقد البريطانيون أكثر من الأميركيين، أن على إسرائيل أن تبدي تصميماً أكبر على حل الصراع مع الفلسطينيين. ويعترف المسؤولون الإسرائيليون بأن التعاون الأمني بين أجهزة الاستخبارات في بريطانيا وإسرائيل بلغ الذروة، ولذا فإن الكلام الذي يقوله البريطانيون يأتي أساساً عن تقدير عميق لقدرات إسرائيل.