التطورات في المنطقة تتطلب تفكيراً إسرائيلياً جديداً فيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       يفرض تغييرالنظام في مصر وانتصار الإخوان المسلمين فيها، والسقوط المتوقع لنظام الأسد في سورية، والعملية العسكرية المحتملة ضد المشروع النووي الإيراني، سواء أكانت إسرائيلية أم مشتركة، تفكيراً إسرائيلياً جديداً فيما يتعلق بمسألة العلاقات مع تركيا.

·       فمن المرجح أن تحاول مصر، تحت حكم رئيسها الديناميكي الجديد المستند إلى الدعم الذي يتمتع به الإخوان المسلمون في مصر والعالم العربي، استعادة زعامتها العربية حتى لو كان الثمن الاختلاف مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد يتجلى ذلك من خلال مطالبتها بإدخال قوات إلى سيناء، أو عبر تدخل مصري أكبر في العلاقات بين أكبر فصيلين فلسطينيين، "فتح" و"حماس".

·       أمّا في سورية فقد ينشأ نظام جديد يجد من الصعب عليه مواجهة المشكلات الناجمة عن الانقسام الإثني في البلد، بما في ذلك مسألة الأقلية الكردية في الشمال، وهو أمر يقلق تركيا منذ الآن. فالمحاولات التي بذلتها أنقرة في الماضي من أجل تحسين علاقاتها مع إيران، حتى لو كان الثمن الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة، أثبتت فشلها، وأكبر دليل على ذلك التصريحات الحادة المتبادلة بين الدولتين، الأمر الذي يشير إلى تدهور العلاقات بينهما. وجميع هذه التطورات، بالإضافة إلى تشديد العقوبات الدولية على إيران، تجبر تركيا على تشديد رقابتها على التجارة القائمة بين الدولتين بصورة رسمية وبصورة غير رسمية.

·       وتواجه كل من إسرائيل وتركيا بيئة استراتيجية متغيرة تطرح على كل منهما مشكلات سياسية وأمنية صعبة. فلا يمكن أن تتجاهل إسرائيل أهمية تركيا في كل ما يتعلق بالمواقف الاستراتيجية المتعلقة بموضوع الطاقة، سواء على صعيد الاستيراد في الوقت الحاضر، أم التصدير في المستقبل.

·       وهذه الوقائع تستوجب استئناف الحوار الاستراتيجي مع تركيا، والذي يتمتع بأهمية خاصة بالنسبة إلى إسرائيل. فالتحديات التي أوجدتها الحقائق المتغيرة في الشرق الأوسط تفرض علينا إعادة درس العلاقات بين الدولتين، وقيام إسرائيل بمبادرة لإنهاء القطيعة، ولا سيما أن الشروط التي وضعتها تركيا لإعادة العلاقات معروفة. لكن طرأت على المنطقة منذ المفاوضات الأخيرة بين الدولتين تغيرات عميقة طاولت تركيا نفسها.

·       والمطلوب اليوم تحرك إسرائيلي، تبدي فيه إسرائيل استعدادها المبدئي للقبول بشروط تركيا لاسئناف العلاقات، فتقوم الدولتان بعملية توضيح دبلوماسية سرية، تعبر فيها كل دولة عن استعدادها لترميم العلاقات مع الدولة الأخرى، وصولاً إلى المرحلة التي يصبح في إمكانهما إجراء حوار استراتيجي بشأن المسائل الإقليمية.

·       من المهم اليوم عدم الاكتفاء بترميم العلاقات على المستوى الاستراتيجي. لقدكانت المؤسسة العسكرية التركية هي الدعامة التي استندت إليها العلاقات بين الدولتين في الماضي، ولم تعد هذه الدعامة قائمة اليوم. ومن الخطأ أن تكتفي إسرائيل بالعودة إلى النمط السابق في العلاقات الذي كان قائماً حتى وقوع أحداث أسطول المساعدات إلى غزة [أيار/مايو 2010]. ومن هذه الزاوية، تعدّ استضافة إسرائيل وفداً صحافياً تركياً في الأيام الأخيرة خطوة في الاتجاه الصحيح.

·       قبل بروز الربيع العربي، رأى عدد من المسؤولين الإسرائيليين أنه من الأفضل أن تقبل إسرائيل بالتسوية التي جرى التوصل إليها عبر الاتصالات الدبلوماسية بين الدولتين. واليوم ومع رؤية الوضع الإقليمي القديم يتغير أمام أنظارنا، فإن المصلحة الإسرائيلية في إغلاق ملف "مافي مرمرة" باتت أكبر بكثير.