السعودية تعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

 

  • لقد تردد عدد من الدول العربية حتى الآن، في اتخاذ موقف حاد ضد الأسد، وذلك على عكس المواقف العربية والدولية التي اتُّخذت إزاء القذافي. ولكن بعد مرور خمسة أشهر، وسقوط نحو ألفي قتيل، بدأت الأصوات ترتفع، وفي مقدمها تلك الصادرة عن مجلس التعاون الخليجي، وكذلك تصريحات الملك السعودي الذي عبّر فيها عن رفض بلده ما يجري في سورية، ودعا إلى"وقف آلة القتل". وتشكل هذه التصريحات السعودية خطوة إضافية، بعد الموقف تجاه ما جرى في البحرين، تدل على تحرك السعودية ضد الجبهة الراديكالية التي تتزعمها إيران، وتعكس إدراكها أن الأحداث في سورية وصلت إلى مرحلة حاسمة، وأن الكفة ربما ترجح ضد عائلة الأسد. وهذا يشير إلى تبنّي السعودية استراتيجيا جديدة تهدف إلى إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة بما يتلاءم مع مصالحها.
     
  • ويبدو أن الملك عبد الله الذي وقفتجاه ما يجري في سورية على الحياد، بات يرغب الآن في سقوط الأسد بعد أن أدرك أن ذلك سيؤدي إلى خسارة إيران حليفاً قوياً لها، وسيضعف قوة المحور الراديكالي، ويعطي السعودية فرصة تزعّم محور سني كبير، وذلك في حال نجاح السنة الذين يشكلون الأغلبية في سورية، في الوصول إلى السلطة. لقد فشلت حتى الآن، جميع المحاولات السعودية لفك التحالف بين سورية وإيران، ولإيجاد تكتل موحد معاد لإيران يتألف من الدول السنية الموالية للغرب. ومن هنا فإن التحرك الاحتجاجي في سورية بوتيرته الحالية يشكل فرصة استثنائية للسعودية لتحقيق رغبتها.
     
  • لكن من غير الواضح الى أي حد يحظى الموقف السعودي ضد سورية بدعم الحركة الاحتجاجية في سورية (على الرغم من الدعم السعودي الطويل للمعارضة في سورية). كما أنه على الرغم من إيجابيات نشوء معسكر معاد لإيران، فإن مواقف الملك عبد الله ستقلص هامش حرية المناورة لديه داخلياً وخارجياً، كما ستجعل من الصعب ترميم علاقاته بسورية في حال نجح الأسد في البقاء في السلطة.
     
  • يمكننا تفسير الموقف الصارم للملك السعودي من الأسد بأنه يدل على الشعور بأن ميزان القوى بدأ يميل لمصلحة المتظاهرين. ويمكن القول إن وقوف السعودية سابقاً على الحياد كان لمعرفة وجهة ميزان القوى الداخلي السوري، ويمكن أن نعزو تردد الملك عبد الله في اتخاذ موقف من سورية إلى تخوفه من ردة فعل إيران، وعدم معرفته الدقيقة بالسياسة الأميركية تجاه نظام الأسد. لقد أراد الملك عبد الله بموقفه الأخير هذا وضع مسافة بينه وبين الأسد، إدراكاً منه أن نظام الأقلية العلوية ضعف بصورة كبيرة ويوشك أن ينهار، وأن على السعودية أن تعدّ نفسها لمثل هذا الاحتمال.