يقظة الطبقة الوسطى في إسرائيل
المصدر
مركز موشيه دايان للأبحاث شرق الأوسطية والأفريقية

تأسس في سنة 1959 بالتعاون مع جامعة تل أبيب. وهو مركز متعدد المجالات، ينشر دراسات تتعلق بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، كما يُعنى بالموضوعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدول العربية والدول الأفريقية. ولدى المركز أهم مكتبة للمصادر العربية من كتب ومجلات وصحف. وتصدر عن المركز سلسلة كتب مهمة في مختلف المجالات، ولديه برامج تدريب ومنح أكاديمية.

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

 

  • في الأسابيع الماضية تظاهر الآلاف في إسرائيل احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقد ظهرت صورة جديدة لإسرائيل في وسائل الإعلام لا علاقة لها بالنزاع العربي - الإسرائيلي، وتعرّف الناس في الخارج إلى مجتمع إسرائيلي لا يختلف أفراده عن المجتمعات الأخرى، ولديهم الهموم المعيشية نفسها في كيفية تأمين حاجاتهم العائلية والحصول على مسكن.
     
  • ولا يمكن أن تكون السياسة الداخلية الإسرائيلية منقطعة عن العالم، بل إن ثمة رابطاً بين التحرك المطلبي داخل إسرائيل وبين التطورات في الدول المجاورة.

فالسياسة الداخلية الإسرائيلية تأثرت بالثورات في الدول العربية، وكذلك باقتراب موعد اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967.

  • ويحتج المتظاهرون على الأسعار المرتفعة للشقق السكنية والمواد الغذائية، وعلى تضاؤل التقديمات الاجتماعية. لقد كانت المساواة النسبية بين الطبقات الاجتماعية مدعاة فخر في الأعوام الأولى للتجربة الاشتراكية الإسرائيلية. كما أن إسرائيل شهدت في الأعوام الأخيرة نمواً اقتصادياً مذهلاً، ولا سيما في قطاع التكنولوجيا المتطورة. لكن هذه الإنجازات جاءت على حساب دولة الرفاه، إذ أدت عملية خصخصة القطاع العام إلى إثراء فئة قليلة من الإسرائيليين، وإلى اتساع الفجوة بين "حيتان المال" وسائر الناس.
     
  • لقد نهضت الطبقة الوسطى المتعلمة والعلمانية في إسرائيل اليوم لتعبّر عن غضبها، وتطالب بالعدالة الاجتماعية، وخصوصاً أنها تشكل العمود الفقري لإسرائيل، إذ يقضي أبناؤها ثلاثة أعوام في الخدمة الإلزامية في الجيش، وبضعة أعوام أخرى في الدراسة الجامعية، ويعملون بجد، ويدفعون الضرائب المرتفعة، لكنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على تأمين العيش الكريم لعائلاتهم في ظل ارتفاع الأسعار.
     
  • يركز المحتجون مطالبهم على الموضوعات الاقتصادية، لكن من الصعب معالجة هذه المطالب من دون التطرق إلى موضوعات أوسع لها علاقة بالأولويات الوطنية. ويعود تركيز المحتجين على الشأن الاقتصادي إلى تخوفهم من أن تؤدي الاختلافات السياسية إلى انقسامات بين صفوفهم.
     
  • لكن لا يمكن حل مشكلات الطبقة الوسطى في إسرائيل من دون إعادة النظر في أولويات الدولة الوطنية.
     
  • فطوال عقود أنفقت الدولة مليارات الدولارات في تطوير وحماية المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، وفي تمويل التعليم الديني للمتدينين اليهود الذين اختار عدد كبير منهم ألاّ يخدم في الجيش الإسرائيلي، وألاّ يعمل، وأن يكرس حياته للدراسة الدينية المدعومة بأموال الدولة. وقد أدت هذه السياسات الحكومية إلى نشوء أولويات لا يمكن تحقيقها إلا على حساب نوعية الحياة والتعليم للطبقة المتوسطة العلمانية. وليس من قبيل المصادفة عدم مشاركة المستوطنين والمتدينين المتشددين في التظاهرات لأنهم يخافون من أن تؤدي إعادة النظر في أولويات الدولة إلى خسارتهم امتيازاتهم.
     
  • إن أي عملية إعادة نظر جدية في الأولويات الوطنية في إسرائيل لا بد من أن تتطرق إلى مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية في المفاوضات مع الفلسطينيين. لكن الإسرائيليين يتخوفون من تقديم تنازلات إقليمية في وقت تشهد فيه الدول المجاورة اضطرابات، ويزداد نفوذ الإسلاميين، الأمر الذي سيجعل المنطقة أكثر عداء لإسرائيل.
     
  • هل سينجح التحرك الاحتجاجي في فتح نقاش تاريخي بشأن مستقبل إسرائيل في المدى البعيد، أم إنه سيتجنب ذلك في مقابل الحصول على حفنة من الحوافز الاقتصادية ترضي أغلبية الشعب؟