التهديدات الإسرائيلية لإيران تخدم النظام الإيراني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

·       إن إيران في حاجة ماسة إلى إسرائيل، ولو لم تكن إسرائيل موجودة لتوجب على إيران أن تعمل على إيجادها. فإسرائيل هي ترياق النظام الإيراني الذي يدين لها ببقائه منذ أعوام عديدة.

·       إن الخطاب المعادي لإسرائيل هو الذي يسمح لنظام آيات الله القاسي بصرف انتباه الجماهير في إيران عن مشكلاتهم الحقيقية، وعن أزمتهم الاقتصادية، وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل، وعن القمع السياسي وقتل المتظاهرين، وعن عدم وجود حرية، وعن رجم النساء.

·       لطالما كانت الكراهية قوة موحِّدة، فلا أحد غير العدو الخارجي الشيطاني يقدر على إسكات التوترات الداخلية. وكما يقول نيتشه، إن اختيار العدو أهم بكثير من اختيار الصديق، وقد نجحت إيران في ذلك أكثر من المتوقع.

·       وتساعد التهديدات الإسرائيلية إيران كثيراً، إذ هي بمثابة الزيت الذي يحرك عجلات نظام آيات الله المتعثر، وهي طوق نجاة ترميه القيادة الإسرائيلية إلى إيران في اللحظة الأخيرة. فالقوى الإصلاحية التي هددت النظام قبل ثلاثة أعوام مطالبة بالحرية وبالانتخابات النزيهة ستتوحد حوله في حال وقوع هجوم إسرائيلي.

·       يخدم نتنياهو وباراك مصلحة خامنئي وأحمدي نجاد، فهما يضعان قناع المعتدي الذي يساعد في تشبيه إسرائيل بالشيطان في إيران، بحيث يصبح من السهل تعريف إسرائيل بأنها ورم سرطاني في الشرق الأوسط. وحتى لو كان الحديث عن تهديدات إسرائيلية غير حقيقي، إلاّ إنه أفاد النظام الإيراني الذي يعرف كيف يختار عدواً يخدمه بصدق.

·       في المقابل، فإن إسرائيل بحاجة ماسة أيضاً إلى إيران، وفي حال لم تكن إيران موجودة لتوجب على إسرائيل أن توجدها. فإيران هي الترياق بالنسبة إلى القيادة الإسرائيلية الحالية، التي عليها أن تشكر طهران التي هي اليوم موجودة في السلطة بفضلها.

·       لطالما كانت الكراهية والتخويف أداتين للسيطرة الناجعة، ولا سيما بالنسبة إلى حكومات اليمين، فالخطاب المعادي لإيران هو الذي يسمح لنتنياهو بالضرب على أوتار المحرقة وصرف انتباهنا عن مشكلاتنا الحقيقية، وعن الأزمة الاقتصادية، وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل، وعن الخدمات العامة المنهارة، وعن الاستثمارات الضخمة التي تذهب إلى المستوطنين والحريديين.

·       ومما لا شك فيه أن تهديدات إيران تساعد إسرائيل، فقد نجحت غيوم الحرب، التي أنتجها باراك ونتنياهو والتي لوثت جونا منذ بداية الشتاء الماضي وحتى نهاية الصيف، في خنق حركة الاحتجاج الاجتماعي الواسع الذي كان يشكل تهديداً حقيقياً للحكومة.

·       إن المطالبة بتأمين المساكن وبالعدالة الاجتماعية وبالخدمات العامة المدعومة والناجعة، أصبحت من الماضي في ظل تهديد الصواريخ والقنبلة الذرية. وقد حل خطاب أمني ذكوري يمجد القوة محل الخطاب المدني والنسوي النادر جداً عندنا. وما يجري في إيران يجري هنا في إسرائيل، إذ تُحسم الأمور بحسب ما يرى الفقهاء. فقد قام رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدرور بتقديم صورة عن الوضع إلى الحاخام عوفاديا يوسف [المرشد الروحي لحزب شاس] ويبقى أن تصدر فتوى تسمح بالحرب.

·       تستحق إسرائيل قيادة أخرى وستحصل عليها، والمسألة هي فقط مسألة وقت. وفي هذه الأثناء تنشغل القيادتان الفاشلتان، الإسرائيلية والإيرانية، برقصة معقدة تبدو كأنها معركة، لكن الناظر إليها عن قرب يدرك أنها رقصة تانغو وليست معركة، إنها حلف أبدي بين نظامين أكل الدهر عليهما وشرب، وهما يدينان ببقائهما بعضهما لبعض.