سعي حماس لوقف الهجمات عليها لا يجب أن يُرفض كي لا يؤسف على تضييع فرصة لاحت كما حدث في لبنان
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      ما من دولة كانت ستمر مرّ الكرام على المس بسيادتها، كما تمس حماس بسيادة إسرائيل بواسطة إطلاق صواريخ القسّام على بلدة سديروت ومحيطها. وما من جيش كان سيمتنع عن السعي إلى استثمار نجاحه الأولي، حسبما يظهر من عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وعلى ما يبدو فإن حماس أصبحت واقعة تحت ضغط شديد من جراء من الهجمات الإسرائيلية، وتحاول أن تبدو بمظهر من يسعى إلى إيجاد سبيل لوضع حد للهجمات الإسرائيلية الحالية، حتى عندما تصدر عنها تصريحات متشددة.

·      في ظاهر الأمر يجب على إسرائيل رفض تلميحات حماس، فمن حقها ألا تسلّم بوضع تبقى فيه حماس قادرة على أن تقرر متى تستأنف إطلاق الصواريخ عليها. غير أن هذا التوجه، مهما تكن شرعيته، ينطوي على مجازفة، حيث أن المواجهة العنيفة ذات ديناميكية خاصة بها، ومن شأنها أن تخرج عن نطاق السيطرة، كما أن من المحتمل أن تجد إسرائيل نفسها آسفة على تفويت فرصة وضع حد لها الآن. وقد جسدت حرب لبنان الثانية مشروعية هذا التفكير. ففي الأيام الأولى من تلك الحرب لاحت عدة فرص أمام رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، من أجل الانعطاف إلى المسار السياسي لكنه سارع إلى القفز عنها. ولما طالت المعركة أصبح من الصعب أكثر فأكثر عليه أن يستخلص منها "صورة انتصار" جلية. ويمكن الافتراض بأنه يأسف لذلك أسفاً شديداً.

·      إن أي حكومة تعرف طريقها ولديها رؤيا سياسية واضحة كانت ستستغل الإشارات التي تدل على أن حماس واقعة تحت الضغط وتحولها إلى رافعة للتحادث بشأن اتفاق شامل. لكن ليس هناك أي احتمال بأن يحدث ذلك في الظروف القائمة، فهذه الحكومة مكبلة برفضها الاعتراف بحماس، وهي أضعف من أن تبدأ مفاوضات بشأن مستقبل الضفة الغربية أو هضبة الجولان. ولذا فمن الأفضل الاكتفاء بالقليل، وهو تقصير أمد الجولة الدموية الحالية وإحراز تهدئة على حدود غزة ولو لفترة زمنية محدودة.

·      إن هذا الأمر مطلوب لأن استمرار المواجهة العنيفة يمكن أن يؤدي إلى تصعيد يصعب التنبؤ بحجمه وإلى ورطة قد تنجم عن خطأ عسكري وبالأساس لأن هذه المواجهة تجددت على حساب سكان سديروت.