إدخال الجيش المصري تعزيزات عسكرية إلى سيناء من دون التنسيق مع إسرائيل مدعاة القلق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       من المحتمل أن تكون طبيعة التغييرات في قيادة الجيش المصري التي قام بها الرئيس محمد مرسي الأسبوع الماضي، دليلاً على أن التنسيق الأمني بين إسرائيل ومصر سيستمر ولن يتوقف في وقت قريب. ويبدو أن المخاوف الإسرائيلية من تدهور العلاقات بين الدولتين في إثر إقصاء رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس الأركان سامي عنان عن منصبيهما كانت في غير محلها ومبالغاً فيها، إذ إن العلاقة الأمنية بين مصر وإسرائيل هي في قيد التحسن، ولا سيما على المستوى المنخفض مع قادة الألوية والكتائب العسكرية، وحتى العلاقة مع كبار القادة في الجيش المصري هي علاقة سليمة. لكن على الرغم من ذلك، فإن هناك أكثر من سبب يدعونا إلى القلق، إذ يعتبر الرئيس المصري محمد مرسي، وهو عضو بارز في حركة الإخوان المسلمين، أن العلاقة بين إسرائيل ومصر هي أمر واقع وليست ظاهرة إيجابية. ومعروف أن حركة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، ترفض منذ تأسيسها قبل 84 عاماً وبعد مرور 64 عاماً على نشوء دولة إسرائيل استخدام كلمة "إسرائيل".

·       وهنا تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، ورئيس الأركان الجديد صبحي صدقي يدينان إلى مرسي بتعيينهما، وهما سيتعاملان مع إسرائيل وفقاً لوجهة نظر الرئيس، وستكون علاقتهما به مختلفة عما كانت عليه علاقة طنطاوي مع الرئيس، ولن يقدرا على رفض ما يطلبه الرئيس منهما. ناهيك عن أن القائدين العسكريين الجديدين يدركان أنه في عهد "الربيع العربي" أصبح الجمهور شريكاً كاملاً في اتخاذ القرارات في الدولة، وهما يشعران بكراهية  الجمهور المصري لإسرائيل.

·       في الواقع، لا يمكن اعتبار السيسي وصدقي من المعجبين بإسرائيل، ولا سيما السيسي الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات المصرية في الأعوام الأخيرة، لكنهما كانا على صلة بالجانب الإسرائيلي، ويعرفان جيداً نظراءهم في إسرائيل، ولقد حصّل الرجلان ثقافة عسكرية غربية متقدمة في بريطانيا والولايات المتحدة. لكن، وعلى الرغم من ذلك، فإنهما لا ينتميان إلى مجموعة الجنرالات التي كانت تعتبر الإسرائيليين شركاء لهم في كل شيء.

·       لقد قام الجيش المصري بإدخال قوات عسكرية إلى سيناء بهدوء ومن دون التنسيق مع إسرائيل. وصحيح أن عدداً من التعزيزات، مثل استخدام الطائرات الحربية، قد جرى بعلم إسرائيل وبموافقتها، لكن، على ما يبدو، أن المصريين أدخلوا قوات إضافية إلى شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح غير تلك التي جرى الاتفاق عليها بين الطرفين، ومن دون التنسيق مع القدس، وهذا أمر يدعو إلى القلق، ولا سيما في ظل صمت الجانب الإسرائيلي.

·       وفي الوقت الذي نجد فيه إسرائيل مشغولة بالحديث عن الموضوع الإيراني، اختار متخذو القرارات في إسرائيل عدم التطرق إلى إدخال قوات مصرية إلى شبه جزيرة سيناء بما يتناقض مع اتفاقات السلام. فربما يفضل الجانب الإسرائيلي في هذه الفترة السكوت عن الموضوع، ولا سيما أن الهدف من هذا الأمر إيجابي، وهو محاربة الخلايا الإرهابية المتطرفة التي تهاجم الجنود المصريين وتحاول مهاجمة الأهداف الإسرائيلية.

·       لكن مع ذلك، فإن ثمة تخوفاً من حقائق جديدة على الأرض تأخذ شكل زحف للقوات المصرية إلى داخل سيناء بأحجام كبيرة لا تقبل بها إسرائيل. ومن المنتنظر أن تطلب القاهرة رسمياً بعد إدخال هذه القوات بقاءها هناك، ويمكننا أن نتوقع أن الرفض الإسرائيلي لهذا الطلب لن يدفع لا الجيش المصري ولا الرئيس المصري الجديد، ممثل الإخوان المسلمين، إلى الإسراع في سحب هذه القوات من سيناء.

·       ويمكننا القول بعد مرور عشرة أيام على بداية العملية العسكرية المصرية في سيناء إنها عملية غير عادية وفقاً للمعايير المصرية، فهي من أوسع العمليات التي قام بها الجيش المصري هناك منذ حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973]. فلقد استطاع الجنود المصريون الذين نُقلوا إلى المنطقة الواقعة شمال شرق سيناء قتل واعتقال عدد من المطلوبين الذين ينتمون إلى مجموعات تابعة للجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى مجموعات متطرفة من السكان البدو.

·       ويبدو أن السلطات المصرية نجحت في التوصل إلى تفاهم مع مشايخ وزعماء القبائل في منطقة شمال شرق سيناء بشأن ضرورة محاربة المجموعات المتطرفة التي نفذت الهجوم على معبر كفر سالم الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى مقتل 17 جندياً مصرياً.

·       وما يجري اليوم ليس سوى البداية، إذ يركز المصريون الآن عملياتهم في المنطقة المتاخمة للحدود مع قطاع غزة، لكنهم لم يبدأوا بعد المعركة الصعبة والمعقدة مع المسلحين الموجودين في وسط سيناء، ولا معركتهم ضد الأنفاق. وحتى الان يبدو أن الجيش المصري ينفذ عمليات تهدف إلى إرضاء الرأي العام المصري.

·       والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو التالي: ما هي الخطوة المقبلة، وماذا سيفعل المصريون لمواجهة تحدي الأنفاق؟