تأثير الثورات في الشرق الأوسط في أمن إسرائيل: تطورات الوضع في سورية ولبنان
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– عدكان استراتيجي

 

  • تزداد حدة موجة الاحتجاجات في سورية، لكن حتى الآن (تموز/يوليو 2011) لا يمكن معرفة ما إذا كان حكم بشار الأسد قد شارف على الانتهاء. وليس في استطاعة إسرائيل التأثير فيما يجري داخل سورية، وعليها الامتناع من القيام بذلك، لكن مما لا شك فيه أن إسرائيل ستتأثر بأي سيناريو يمكن أن يحدث هناك.
     
  • إن السيناريو الأول الممكن حدوثه في سورية هو بقاء الأسد في السلطة أعواماً عديدة أخرى، وهذا سيناريو مرغوب من جانب عدد من الإسرائيليين لأنهم يعتبرونه الأقل سوءاً. ففي سنة 2005 رفض أريئيل شارون المبادرات الداعية إلى استغلال الضعف الموقت الذي طرأ على الموقف السوري في أعقاب اغتيال الحريري والمطالبة بخروج القوات السورية من لبنان من أجل العمل على إسقاط الأسد، إذ كان تقدير شارون آنذاك أن البدائل من حكم الأسد ستكون سيئة بالنسبة إلى إسرائيل، وأن بقاء بشار الأسد في الحكم سيجبره على توظيف الجزء الأكبر من جهوده في العمل على فرض سيطرته الداخلية وتعزيز شرعيته على الصعيد الدولي، وفي ظل هذه الأوضاع لن يسعى الأسد للدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وقد يقلص المساعدة التي يقدمها إلى حزب الله. إن حدوث مثل هذا السيناريو لن يغير شيئاً من فرضيات إسرائيل الأساسية على هذه الجبهة، وسيساعد في استمرار الهدوء على طول الحدود بين إسرائيل وسورية.
     
  • السيناريو الثاني، وهو سقوط نظام الأسد ودخول سورية في حقبة طويلة من عدم الاستقرار والصراعات الداخلية. فمن شأن هذا الوضع أن يضعف سورية، ويزيد في نفوذ إيران داخلها، ويضاعف احتمال إقدام مجموعات مختلفة على استفزاز إسرائيل. صحيح أن هذا السيناريو لن يزيد الخطر العسكري السوري على إسرائيل، لكنه سيؤثر في استمرار الهدوء على الحدود الإسرائيلية – السورية.
     
  • أمّا السيناريو الثالث فهو إمكان وصول نظام سني ديني إلى السلطة في سورية يتبنى مواقف أكثر عدائية لإسرائيل. ومثل هذا النظام قد يخسر جزءاً من دعم إيران (وذلك وفقاً للموقف الذي يتخذه الحكم الجديد من موضوع التوتر بين إيران والدول السنية في الخليج)، لكنه قد ينتهج خطّاً مغامراً تجاه إسرائيل، ويحاول أن يسترجع بالقوة هضبة الجولان، أو أن يطلق الحرية لتنظيم القاعدة للقيام بعمليات على طول الحدود مع إسرائيل. 
     
  • وهناك سيناريو رابع هو قيام حكم ديمقراطي في سورية ذي توجهات واضحة موالية للغرب. ومما لاشك فيه أن ذلك سيشكل حدثاً سيئاً بالنسبة إلى إيران وحزب الله، لكن لن يكون معناه الاستعداد لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل فوراً، فمن الواضح أن كل نظام عربي جديد بحاجة إلى تثبيت موقعه من خلال إظهار عدائه لإسرائيل. ومع ذلك فإن هذا السيناريو سيشجع أطرافاً دولية على الضغط على إسرائيل وعلى النظام الجديد لإجراء مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.
     
  • يتأثر لبنان بما يجري في سورية، لكن التطورات الداخلية التي يشهدها هذا البلد لها منطقها الخاص. ويبدو واضحاً أن هناك أسباباً كثيرة تدفع حزب الله إلى القلق على شرعيته داخل لبنان: السبب الأول هو تعاطف حزب الله مع النظام السوري، وهو موقف لا يحظى بشعبية في العالم العربي ولا في لبنان؛ السبب الثاني، هو إدراك الحزب أن روح الثورة التي تسود اليوم الشارع العربي لا تؤيد بالضرورة خطه الأيديولوجي، وإنما تقف في موقف المعارض له (لم يرفع المتظاهرون في تونس ولا في مصر ولا في ليبيا ولا في اليمن ولا في البحرين ولا في سورية شعارات تذكر بنموذج الثورة الإسلامية الشيعية في إيران التي حدثت سنة 1979، كما لم يبرز أي شعار له علاقة بأيديولوجيا حزب الله أو "حماس"). وعلى ما يبدو يوماً بعد يوم يتراجع عدد اللبنانيين الذين ما زالوا مقتنعين بأن "المقاومة" (وهي التسمية التي يطلقها حزب الله على نفسه) هي التي ستحمي لبنان في وجه العدوانية الإسرائيلية.
     
  • ويبدو أن العوامل التي من شأنها أن تكبح حزب الله هي اليوم أقوى بكثير من تلك التي كانت موجودة في نهاية سنة 2010. وعلى الأرجح سيسعى حزب الله لتفادي مواجهة مباشرة مع إسرائيل في المستقبل المنظور.
     
  • ثمة احتمال ضئيل أن تحاول سورية تحويل الأنظار عما يجري في داخلها من خلال إقناع حزب الله (وإيران) بالعودة إلى أعمال الاستفزاز على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. كما يمكن، في ظل الأوضاع الراهنة أن يؤدي غموض الوضع في سورية إلى عدم الاستقرار في لبنان، لكن هذا يبقى احتمالاً ضئيلاً للغاية.