· طوال الأعوام الفائتة تعودت السباحة ضد التيار، وأحياناً أخطأت، لكني لم أفقد البوصلة قط. والتوقعات التي أبديتها في الماضي لم تلق استجابة جدية، وإنما اعتبرت متطرفة وهاذية. من الأمثلة لذلك موضوع التهديد الإيراني الذي حذرت منه منذ سنة 2001، وموضوع التطرف المتنامي بين عرب إسرائيل، والطلب الذي تقدمت به إلى لجنة الانتخابات المركزية والمحكمة العليا لشطب قائمة التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة عزمي بشارة، وكذلك فكرة تبادل مناطق وسكان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والمطلب بأن يستند السلام مع سورية إلى مبدأ السلام في مقابل السلام وليس السلام في مقابل الأرض، والمستند إلى فكرة استئجار هضبة الجولان لفترة 99 عاماً. ولقد شعرت مؤخراً بالسعادة عندما رأيت أن كثيرين ممن كانوا من أشد المنتقدين لي يتبنون هذه الأفكار.
· لا شك في أن الجمهور العريض يرغب الآن في انتخابات مبكرة. لكن هذه الرغبة لا تجعل الانتخابات المبكرة أمراً شرعياً ولا حتى أمراً صحيحاً. الأزمة الحالية ليست شخصية ولا سياسية، وإنما هي أزمة شاملة وعميقة تتعلق بالنظام السياسي. إن تقرير فينوغراد يشير إلى عدم وجود عملية منظمة لاتخاذ القرار ويعتبر ذلك فشلاً رئيسياً وجوهرياً. ولذا فمن الواضح أن الحل لأزمة النظام العميقة هذه هو تغيير نظام الحكم والانتقال إلى نظام رئاسي. وفي كل الأحوال، أصبح جلياً أن ما ينتظرنا الآن هو بديلان فقط، إما انتخابات تشل الدولة والمؤسسة الحكومية طوال أشهر، وإما تطبيق توصيات لجنة فينوغراد. ومن المحال تطبيق الأمرين في الوقت ذاته.
· النقطة الأكثر مدعاة للقلق هي المواجهة الحتمية الماثلة أمامنا. ويتعيّن على الدولة والجيش الإسرائيلي أن يكونا مستعدين وجاهزين لهذه المواجهة بعد تطبيق الدروس وتصحيح الأخطاء والعيوب التي أشارت إليها لجنة فينوغراد.
الدرس الفوري والرئيسي من حرب لبنان الثانية هو أنه لا يجوز، بأية حال، العودة إلى سياسة ضبط النفس حيال حزب الله في لبنان ولا حيال حماس في غزة. الحرب المقبلة هي التي يجب أن تقلقنا، لا الانتخابات المقبلة.