· اعتبر نظام حسني مبارك إيران منافسةً أساسيةً له على الزعامة الإقليمية، وأنها تسعى لزعزعة استقرار النظام في القاهرة. وقد عملت مصر خلال حكم مبارك على وقف تهريب السلاح من إيران، وكبح نفوذ المعسكر الراديكالي الذي تتزعمه. لكن تغيراً حدث في الفترة الأخيرة، ويبدو أن "ربيع الشعوب العربية" سيؤدي إلى إعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية. ومن الأمثلة على ذلك، سعي مصر ما بعد مبارك للتقارب مع إيران، وبروز أصوات في القاهرة تتحدث عن الحاجة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
· تقتضي المصلحة الإسرائيلية مواصلة مصر العمل على وقف تهريب السلاح عبر أراضيها، من السودان في اتجاه سيناء وصولاً إلى غزة، وكبح محاولات إيران تقوية نفوذ المعسكر الراديكالي. فما الذي سينتظرنا في المستقبل؟
· ليس واضحاً ما إذا كانت مصر ستغير بصورة جوهرية السياسة الخارجية التي انتهجتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة. فمثل هذا التغيير لن يلحق ضرراً بعلاقة القاهرة مع إسرائيل فقط، بل أيضاً بعلاقتها مع معسكر الدول المعتدلة وفي طليعتها السعودية ودول الخليج العربي التي تشهد تدهوراً كبيراً في العلاقة مع طهران.
· وفي جميع الأحوال، فإن التوجه المصري الحالي إزاء إيران سيكون على ما يبدو جزءاً من سياسة خارجية جديدة لمصر ما بعد الثورة تهدف إلى إقامة علاقات طبيعية مع مختلف الدول المجاورة لتحسين موقع مصر الإقليمي الذي تراجع في الأعوام الأخيرة. لكن على الرغم من ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تنحية مبارك والمناصرين له لم تؤد إلى تغيير في النظرة الأمنية المصرية، ومن المتوقع أن يبقى موقف إيران وحلفائها متعارضاً مع المصالح المصرية الوطنية.
· تسعى إيران من جهتها لتصوير التحول في السياسة المصرية إزاءها على أنه إنجاز لسياستها الخارجية، وتحاول أن تبيّن أن مصر "الجديدة" هي التي تلح من أجل استئناف العلاقات معها. وتشعر إيران حالياً بأن في إمكانها استخدام الثورة في مصر من أجل تحويل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر إلى ساحة للتدخل الإيراني. وما يثير القلق في هذا الشأن هو تزامن ذلك مع تصريحات مسؤولين مصريين ضد إسرائيل، مثل كلام نائب رئيس الحكومة المصري الذي اتهم إسرائيل بأنها تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط، وتصريحات رئيس الحكومة المصرية عصام شرف بشأن إعادة درس اتفاق الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل.
· لكن من الممكن أن تكون هذه التصريحات مرتبطة بالانتخابات المزمع إجراؤها قريباً في مصر، ولا مجال للتخوف منها، ولا سيما في ظل مواصلة مصر حربها ضد تهريب السلاح إلى قطاع غزة. علاوة على ذلك، من الصعب أن تكون مصر مستعدة لدفع ثمن إعادة الحرارة إلى علاقتها مع إيران، لأنها تدرك أن ذلك سيضر ليس فقط بعلاقتها مع دول الخليج بل أيضاً مع الولايات المتحدة التي لن تنظر بعين الرضا إلى مثل هذه الخطوة.