· ألمح الرئيس الإيراني المنتخب يوم الاثنين الماضي أنه يبحث عن تسوية مع الغرب، وفي الوقت عينه أشار إلى أن هذه التسوية لن تشكل تغييراً كبيراً أو خروجاً عن السياسات والاستراتيجيات التي وضعها المرشد الأعلى آية الله خامنئي. ويبدو أن هذا الكلام سيشكل الخطوط العامة التي ستعرضها إيران في جولة المحادثات المقبلة مع الغرب والتي من المفترض أن تُعقد في آب/ أغسطس المقبل.
· في المؤتمر الصحافي الأول الذي عقده روحاني بعد انتخابه، رسم حدود ونطاق التسوية التي لديه التفويض في التوصل إليها من المرشد الأعلى. واستناداً إلى روحاني، فإن إيران ستواصل تخصيب اليوارنيوم، لكنه لم يحدد معدل التخصيب، ولا ما سيفعله بكميات اليورانيوم المخصب، وهل سيحول جزءاً من هذه الكميات من أجل صنع قضبان الوقود، أو ما إذا كان الجزء الآخر من اليورانيوم المخصب على درجة 20% سيجري إخراجه من إيران.
· إن هذه التفاصيل هي نموذج لما لم يرد في كلام روحاني، وكنا بحاجة إليها كي نفهم بصورة أوضح ما إذا كان روحاني يتوجه نحو تسوية حقيقية لموضوع التخصيب. كما أن الرئيس الجديد الذي حقق فوزاً ساحقاً على خصومه، لم يتطرق في خطابه إلى موضوع تركيب أجهزة الطرد المركزي الجديدة. وفي الواقع، فإن موقف روحاني من موضوع تخصيب اليورانيوم لا يختلف عن موقف المرشد الأعلى المتشدد وغير القابل للتنازلات، وهو الموقف عينه كما كان خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد. ولا يمكننا سوى على طاولة المفاوضات، معرفة ما يقصده روحاني فعلاً بكلامه، وما هو هامش المرونة الذي يملكه في موضوع تخصيب اليورانيوم.
· إن الاغراء الكبير الذي يعرضه روحاني على الغرب هو قبوله بـ"الشفافية". والمقصود بذلك موافقته على رقابة المراقبين الدوليين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، للمنشآت النووية في إيران. حتى الآن لا تسمح طهران للمراقبين بزيارة مواقع التخصيب في المفاعلات النووية في إيران إلا بعد إخطارها مسبقاً بهذه الزيارة. ومع ذلك طهران ترفض بشدة السماح لهؤلاء المراقبين بزيارة المنشآت العسكرية. التي يوجد شك بأنه جرت فيها تجارب الهدف منها تمكين إيران من صنع قنبلة نووية. كما ترفض إيران السماح لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة معسكر للحرس الثوري في بريشتين حيث تتحدث المعلومات الاستخباراتية الغربية عن اجراء تجارب لتطوير منشأة للتفجيرات النووية. ومن المتحمل جداّ أن يكون قد اكتمل إخفاء كل أثر لما كان يجري فعله، ولذا يستطيع روحاي هنا أن يبدي كرماً، وأن يسمح للمراقبين الدوليين القيام بزيارة للمنشأة.
· ثمة مسألة أخرى تتعلق بالرقابة هي السماح للمراقبين الدوليين بالقيام بزيارات مفاجئة للمنشآت النووية، الأمر الذي يرفضه الإيرانيون بشدة. لكن من المحتمل اليوم أن يظهر الإيرانيون شيئاً من المرونة في هذا الشأن من أجل رفع العقوبات.
· من الواضح جداً، أن روحاني سيحاول اقتراح تسوية مع الغرب لن تكون مختلفة كثيراً عن المواقف التي عرضها المفاوضون الإيرانيون خلال العامين الأخيرين. ومن الواضح ايضاً أن الوضع الاقتصادي في إيران هو الآن على رأس جدول أعمال الرئيس روحاني والمرشد الأعلى خامنئي، وقد شكل المؤتمر الصحافي لروحاني دليلاً على هذا التحول.
· ستثبت الأيام المقبلة مدى عمق هذا التحول. لكن في هذه الأثناء، ستسمح النقاشات الدائرة بشأن الاقتراح الإيراني الأخير ومحاولات الغرب التأقلم مع نهج الرئيس الإيراني الجديد، للمشروع النووي بالمضي قدماً في اتجاه الهدف.
· وحتى الآن يبدو أن الهدف ليس السلاح النووي، وإنما التوصل إلى القدرة على إنتاج هذا السلاح خلال أسابيع. ومن هنا يمكن القول إن إيران في عهد روحاني ستصبح على عتبة الدولة النووية، وستبقى هناك حتى يجري رفع الضغط عنها.