· منذ وقت قصير، أُقيمت ندوة جمعت مسؤولين أمنيين سابقين بينهم رؤساء لجهاز الأمن العام والاستخبارات العسكرية وقادة سلاح الجو ورؤساء الموساد وموظفين سابقين كبار، وكان الموضوع المطروح للنقاش هو: هل يتعين على إسرائيل مهاجمة إيران وحدها، وهل هي قادرة على ذلك، أم أن عليها ألاّ تقدم على هذا الأمر؟ وكانت نتيجة النقاش معارضة الأكثرية للهجوم العسكري على إيران، باستثناء اثنين هما رئيس الموساد السابق شفتاي شافيط، ورئيس الاستخبارات العسكرية، الذي أنهى خدمته مؤخراً، اللواء عاموس يادلين.
· إن النقاش بشأن إيران ما زال في أوجه، ولا يستطيع أي فريق من الفريقين أن يتوقع فعلاً ما سيحدث في حال هاجمت إسرائيل إيران وحدها، فمن المحتمل أن يحقق الهجوم نجاحاً أو أن يؤدي إلى كارثة. لكن ميزان القوى الحالي بين الفريقين يبدو كالتالي، هناك أغلبية كبيرة تعارض الهجوم العسكري على إيران، وهذه الأغلبية موجودة أيضاً في القيادة العسكرية الحالية وداخل بعض الأوساط السياسية، وربما أيضاً داخل طاقم الوزراء الثمانية بالإضافة إلى موفاز، وذلك على الرغم من التقديرات التي تقول بأن نتنياهو وباراك سيحصلان على تأييد الأغلبية في الطاقم الوزاري المصغر عندما يحتاجان إليها. فمن المعلوم أن نائب رئيس الحكومة موفاز يعارض الهجوم العسكري على إيران، لكن يجب أن ننتظر كي نرى ما إذا كان سيبقى على موقفه هذا بعد تدخل إيهود باراك، الذي لا يمكن معرفة موقفه الحقيقي وما إذا كان دعمه للهجوم على إيران مناورة ميكيافيلية من جانبه من أجل البقاء في وزارة الدفاع أم تعبيراً عن موقفه الحقيقي. إن الشخص الذي يستطيع أن يشكل ثقلاً مضاداً في هذه المسألة هو رئيس الدولة شمعون بيرس الذي يضع ثقله السياسي وقوة إقناعه مع الطرف المعارض للحرب. ولقد حظيت حكومة الوحدة الوطنية بتأييد بيرس بسبب معرفته بموقف موفاز المعارض للحرب.
· إن انضمام موفاز إلى طاقم الوزراء الثمانية يشكل قوة مضافة، نظرياً على الأقل، للمعسكر الذي يرفض الهجوم، والذي يتألف من مريدور ويعالون وبيغن ويشاي. لكن يبدو أن الموضوع الإيراني استأثر بالقسم الأكبر من الاجتماعات الثلاثة التي عقدها موفاز مع رئيس الحكومة قبل التوصل الى الاتفاق الائتلافي. وإذا ما عدنا إلى مواقف موفاز السابقة نجد أن هذا الأخير كان ضد الانفصال عن قطاع غزة لكنه عاد وغيّر رأيه في هذا الشأن، وكان ضد الاستقالة من الليكود ثم تراجع عن ذلك، وأعلن أنه ضد الانضمام إلى حكومة نتنياهو ثم انضم إليها، لذا لا شيء يضمن تمسكه بموقفه الرافض للهجوم، ولا سيما أنه معروف بتقلباته السياسية.
· في هذه الأثناء، سيُضطر نتنياهو إلى اتخاذ قرارات فورية في عدد من الموضوعات الأخرى، ولا سيما في ظل الأغلبية الكبيرة التي يملكها في الكنيست ووسط الجمهور، إذ يستطيع الاستفادة من هذه الأغلبية لتحقيق تغيير تاريخي سواء في أسلوب الحكم، أو في إنهاء الغبن الناشىء من عدم تطبيق الخدمة الإلزامية على جميع المواطنين في إسرائيل، وإصدار قانون جديد يفرض مشاركة الحريديم والعرب من سكان إسرائيل في خدمة هذه الدولة. ثمة قانون جاهز يحتاج إلى موافقة نتنياهو، فهل سيدرك هذا الأخير أن التحالف مع الحريديم سيؤدي إلى كارثة؟ وهل سيتغلب على خوفه؟
إن الخطر الأكبر الذي يتربص بنتنياهو يكمن في شخصيته، فهو، حتى لو اتخذ قراره، سيتردد في تنفيذه على الأرض، وسيحاول إرضاء الجميع والتوصل إلى تسوية لا تقدم شيئاً للطرفين، وسيدفع هو ثمنها الباهظ. وقد يحدث ما سبق أن حدث معه عندما وقّع اتفاق واي بلانتايشن [1998]، إذ إن توقيعه الاتفاق جعله يخسر تأييد اليمين في إسرائيل، في حين أن عدم تنفيذه للاتفاق جعله يخسر اليسار والوسط.