هل ما زال في الإمكان تعديل قانون طال؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       ثمة سؤال يطرح نفسه حالياً، وهو: هل فشل قانون طال، وهل يمكن إدخال تعديلات عليه؟ لا يكمن الخلل الأساسي لهذا القانون في فشله في تحقيق هدفه، وإنما في أنه شكل ذريعة قانونية لعدم مشاركة جميع المواطنين في إسرائيل في الدفاع عن دولتهم. لقد كانت نيات أعضاء اللجنة التي اقترحت تعديل قانون طال حسنة، فهم أرادوا تقديم الحوافز للشبان الحريديم من أجل الدخول إلى الجيش والانضمام إلى سوق العمل، كما كان هدفهم إحداث تغيير، بالتدريج،، لوضع لا يطاق، لكنهم أقدموا على عمل لا يمكن القبول به في مجتمع ديمقراطي، وذلك من خلال إضفاء الشرعية القانونية على التمييز والتفرقة بين مواطني الدولة بسبب معتقدهم الديني.

·       إن هدف الصيغة "المعدلة" لقانون طال، التي سيعمل الائتلاف الحكومي الموسع على إقرارها، هو هدف القانون القديم نفسه. فاستناداً إلى الصيغة المقترحة، سيضفي القانون الجديد صبغة قانونية على إعفاء الشبان الحريديم من الخدمة العسكرية، مع محاولته السعي لتقليص عدد المعفيين من الخدمة.

·       إن المساواة في الحقوق والواجبات هي من المبادىء الأساسية في المجتمع الديمقراطي، والخروج عن هذه القاعدة قد يصبح أمراً دائماً في حال صدور قوانين لا تلتزم بهذه المبادىء وتضفي شرعية قانونية على التمييز، حتى لو كان هذا التمييز يمارَس عملياً على الأرض. من هنا علينا محاربة التمييز في كل مكان، بالتدريج، لأنه لا سبيل آخر أمامنا، ولا يشكل إصدار قوانين تسمح بالتمييز والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد حلاً للمشكلة.

·       إن التعديل الفوري لقانون موجود منذ أعوام طويلة ويسمح بإعفاء أعداد كبيرة من الحريديم من الخدمة العسكرية هو أمرغير ممكن، من هنا تقتضي الحكمة إجراء تعديل تدريجي. والأسئلة التي تطرح نفسها هي: هل يمكن أن تؤدي محاولة تعديل قانون طال تدريجياً الى إضفاء الشرعية على حالة انعدام المساواة القائمة منذ أعوام؟ وهل نحن في صدد إيجاد حالة جديدة من التفرقة والتمييز عندما نقترح على الشبان الحريديم إمكان الخدمة في المجال الوطني بدلاً من الخدمة العسكرية، من دون أن يكون هذا متاحاً أمام سائر الذين يخدمون في الجيش؟ علينا القول إنه بغض النظر عن الخطوات التي ستتخذ من أجل تعديل قانون طال، يجب عدم إعطاء صفة قانونية لعدم المساواة، كما ينبغي عدم إصدار أي قانون يكرس عدم المساواة.

·       إن مواطني إسرائيل متساوون فيما بينهم، فلماذا والحال هذه تشتد المطالبة بإعفاء الشبان الحريديم فقط من الخدمة العسكرية الإلزامية؟ فهناك العرب المسيحيون والمسلمون الذين تفوق أعدادهم أعداد الحريديم، وهم لا يشاركون في الخدمة العسكرية الإلزامية، بعكس اليهود  والدروز، إذ يحصل هؤلاء على الإعفاء من الخدمة العسكرية سنوياً من وزراة الداخلية مثلما يحصل عليها الحريديم، الأمر الذي يشكل خروجاً على مبدأ المساواة في أي مجتمع ديمقراطي. ومع ذلك فإن أحداً لا يتحدث عن هذا الأمر. في الماضي، كان يقال إنه لا يمكن السماح للعرب من مواطني الدولة المشاركة في الدفاع عنها لأنهم أعداء لها، ولأن "العرب لا يحاربون العرب"، كما لو أن العرب لا يتقاتلون بعضهم ضد بعض في الشرق الأوسط كله، وكما لو أن الجنود الدروز ليسوا من أفضل الجنود في الجيش، وكما لو أن الوحدة البدوية في الجيش الإسرائيلي لا تقوم بعمل ممتاز في جنوب الدولة. وفي النهاية، فإن آيات الله الذين يهددون بالقضاء على إسرائيل ليسوا عرباً.

·       إن الحكمة تفرض علينا العمل بصورة تدريجية، ومن الممكن معالجة مشكلة الحريديم بهذه الطريقة. أمّا بالنسبة إلى العرب في إسرائيل، والذين يشكلون مجتمعاً مختلطاً يتكون من مسلمين ومسيحيين من سكان المدن والقرى، ومن البدو في الجليل والنقب، فإنه من الأفضل البدء بإلغاء الإعفاءات من الخدمة العسكرية تدريجياً من فئة إلى أخرى بحيث يصبح في النهاية جميع المواطنين العرب في الدولة يقومون بالخدمة العسكرية.

من الضروري أن تكون الخدمة العسكري الإلزامية شاملة، ويمكن تحقيق ذلك بالتدريج من دون إضفاء الشرعية القانونية على التمييز والتفرقة.