الجيش ليس سلاحاً متطوراً فقط
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       في صيف 1982 وضع وزير الدفاع آنذاك أريئيل شارون خطط حرب لبنان الأولى بهدف الوصول إلى رئاسة الحكومة، لكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه هذا إلاّ بعد مرور 25 عاماً على هذه الحرب. وقد أدت الانتقادات التي تعرض لها خلال الحرب وبعدها، ولا سيما بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، إلى إقالته من منصبه في وزارة الدفاع لأنه ضلل رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن وأدخل إسرائيل في حرب لم يكن بيدها خيار سواها، ولكن هذه الحرب أخفقت في تحقيق هدفها الأساسي. وأظهرت أن شارون، وهو القائد العسكري الناجح، كما لو أنه لا يعرف الجيش الإسرائيلي ولا يدرك حقيقة هذا الجيش والحرب.

·       لقد خطط شارون لحرب لبنان الأولى انطلاقاً من الدروس الخاصة التي تعلمها من حرب يوم الغفران [تشرين الأول/أكتوبر] 1973، وانطلاقاً من قناعته بأن الجيش تصرف في تلك الحرب بصورة جيدة، وأن القيادة السياسية ورئيس الأركان آنذاك، دافيد أليعيزر، كانا السبب في الإخفاقات التي وقعت، والتي على الرغم منها استطاع الجيش أن ينتصر في هذه الحرب. كذلك كان شارون واثقاً، بصفته وزيراً للدفاع وقائداً أعلى للجيش الإسرائيلي في سنة 1982، بأنه سيكون قادراً على استخدام الجيش بأقصى طاقته ولن يستطيع أحد الوقوف ضد هذا الجيش في الشرق الأوسط، كما كان مقتنعاً بأنه في إثر حرب لبنان الأولى سيكون قادراً على فرض نظام جديد في الشرق الأوسط، وعلى تحقيق سلام الشجعان لإسرائيل، وسيتمكن من الحلول محل بيغن في رئاسة الحكومة، وسيصبح ملك إسرائيل.

·       لكن شارون ارتكب خطأً كبيراً، ففي حرب يوم الغفران [تشرين الأول /أكتوبر 1973] لم تكن المشكلة تكمن في الزعماء السياسيين وفي رئيس أركان الجيش فقط، بل في تدني مستوى الجيش الإسرائيلي على المستوى العملياتي وحتى على المستوى التكتيكي. وكان يتعين على شارون استخلاص هذا الأمر من الوقائع التي شارك فيها، ولا سيما المعارك التي دارت في سيناء ما بين 15 و18 تشرين الأول/أكتوبر، يومها حمّل شارون والقادة الإسرائيليون الآخرون قائد الفرقة 162 أبراهام أدان (بيرن) واللواء شموئيل غوروديش المسؤولية عن الفشل.

·       في حرب لبنان الأولى، في سنة 1982، أدرك شارون بسرعة أن الجيش الإسرائيلي كان في هذه الحرب أسوأ مما كان عليه في حرب 1973. ففي المرحلة الأولى من الحرب أخذ شارون يؤنب قادة الفرق العسكرية بشدة، الأمر الذي زاد الوضع سوءاً، ثم حاول تقليص حجم الأضرار والانتقال من حرب سريعة وحاسمة إلى حرب بطيئة، واتضح يومها أن شارون منقطع عن الوقائع العسكرية  بدءاً مما حدث خلال الأسبوع الأول من الحرب وحتى الهروب المهين للجيش الإسرائيلي في أيار/مايو 2000.

أدى هروب الجيش الإسرائيلي من لبنان [أيار/مايو2000]، وفشل مساعي إيهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الدفاع، في القضاء على الانتفاضة الثانية [انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000] إلى إعادة شارون إلى مركز الحياة السياسية رئيساً للحكومة.