شنّ كل من وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، والنائب الأول لرئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون، أمس (الخميس)، هجوماً حاداً على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بسبب نيته تقديم اعتذار رسمي إلى تركيا جراء وقائع عملية السيطرة الإسرائيلية على قافلة السفن التي كانت متجهة إلى قطاع غزة [في أيار/مايو 2010]، والتي أسفرت عن مقتل 9 أتراك وإصابة عشرات آخرين بجروح.
وعلمت صحيفة "معاريف" أن نتنياهو ينوي أن يعقد في مطلع الأسبوع المقبل اجتماعاً خاصاً لـ"طاقم الوزراء الثمانية" وأن يعرض عليه خطة مصالحة مع تركيا يعلنها يوم الأربعاء المقبل [27 تموز/ يوليو 2011] بالتزامن مع نشر تقرير اللجنة الخاصة التي عينها السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون لتقصي وقائع عملية السيطرة المذكورة.
وقال ليبرمان في اجتماع خاص عقده حزبه "إسرائيل بيتنا" في هذا الشأن أمس (الخميس) إنه في حال تقديم إسرائيل اعتذاراً رسمياً إلى تركيا فإن ذلك سينم عن انعدام أي مسؤولية لدى المؤسسة السياسية، كما أنه سيبث رسالة إلى العالم فحواها أن إسرائيل ضعيفة ولا يمكنها الصمود في وجه الضغوط الخارجية.
من ناحيته قال يعلون، في تصريحات أدلى بها أمس (الخميس) إلى مندوبي وسائل الإعلام الأجنبية في إسرائيل، أنه لا يتوقع التوصل إلى اتفاق مصالحة بين إسرائيل وتركيا بسبب موقف الحكومة في أنقرة، مشدداً على أن الفجوات بين مواقف الدولتين كبيرة ولا يمكن جسرها.
وأضاف يعلون أن على إسرائيل ألاّ تستجيب مطلقاً إلى المطالب التركية التي قال إنها تتضمن ما يلي: تقديم اعتذار رسمي، ودفع تعويضات إلى عائلات القتلى وإلى الجرحى، ورفع الحصار المفروض على غزة.
كذلك تطرّق إلى جولات المحادثات بشأن هذه المصالحة التي أجراها في الآونة الأخيرة مع المسؤولين الأتراك في كل من نيويورك وجنيف، قائلاً أنه أوضح لهؤلاء المسؤولين أن إسرائيل على استعداد لأن تعرب عن أسفها لسقوط ضحايا أتراك في أثناء عملية السيطرة على قافلة السفن، وأن تساهم في تمويل صندوق خيري لهذا الغرض، لكنها غير مستعدة لتقديم اعتذار لأن ذلك يعني أنها تتحمل المسؤولية الكاملة بشأن ما حدث، في حين أن عملية السيطرة على قافلة السفن تندرج في إطار الدفاع عن النفس ولا مكان لتقديم أي اعتذار عنها، فضلاً عن أن هذا الاعتذار في حال تقديمه لن يجعل تركيا تقر بأن الحصار على غزة قانوني.
وخلافاً لموقف كل من ليبرمان ويعلون، فإن وزراء آخرين من "طاقم الثمانية" يؤيدون تقديم اعتذار رسمي إلى تركيا، في مقدمهم إيهود باراك [وزير الدفاع] ودان مريدور [وزير شؤون الاستخبارات]. ويبدو أيضاً أن كلا من النيابة العسكرية العامة والمستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين يؤيدان خطوة كهذه، ظناً منهما أنه سيجنّب تعريض ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده لمحاكمات جنائية في أنحاء متعددة من العالم بسبب فحوى تقرير اللجنة الخاصة التي عينها السكرتير العام للأمم المتحدة.
وعلمت صحيفة "معاريف" أن مستشار رئيس الحكومة لشؤون الأمن القومي، الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، يؤيد تقديم اعتذار إلى تركيا وطيّ صفحة الأزمة بين الدولتين، وعلمت أيضاً أن إسرائيل ستطلب في مقابل تقديم الاعتذار الحصول على تعهد تركي رسمي بعدم رفع أي شكاوى قضائية ضد ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده بسبب عملية السيطرة على قافلة السفن، وربما ستطلب أيضاً اعترافاً تركياً بأن الجنود الإسرائيليين الذين سيطروا على قافلة السفن استعملوا القوة من منطلق الدفاع عن النفس.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير لجنة الأمم المتحدة المذكورة، الـذي يُتوقـع أن يُنشر على الملأ في 27 تموز/ يوليو الحالي، يؤكد أن الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على غزة قانوني، لكنه مع ذلك يشدّد على أن القوة التي استعملها الجيش الإسرائيلي في أثناء السيطرة على قافلة السفن كانت مبالغاً فيها.