قضية التجسس الأميركي على الرؤساء في أوروبا أثارت الشكوك في التحالف مع الولايات المتحدة
تاريخ المقال
المصدر
- ما كشفه إدوارد سنودن عن قيام الولايات المتحدة بالتنصت على الهاتف الجوال للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل و35 رئيساً آخر في العالم، لم يؤد إلى إحراج الرئيس الأميركي باراك أوباما فحسب، بل كشف أيضاً التصدعات التي حدثت في الأعوام الأخيرة بين الدول المشاركة في حلف شمال الأطلسي. ومن نجح في قراءة التغييرات واستطاع استخدامها من أجل تعزيز نفوذ روسيا في الساحة الدولية هو فلاديمير بوتين.
- لم يكن من قبيل الصدفة منح بوتين سنودن اللجوء السياسي الموقت، فقد تحول هذا الأخير إلى منجم ذهبي مليء بالفضائح التي تعمق الشكوك وعدم الثقة بالولايات المتحدة وأوباما، ولا سيما من جانب حلفائها التقليديين.
- لقد رحب زعماء أوروبا بانتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة وبدعوته إلى التعاون بين قادة العالم. لكن أكثر من مرة لمس زعماء أوروبا ضعف أوباما، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاحترام له على الصعيد الشخصي والرسمي. فزعماء مثل ميركل ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ورئيس بولندا، لم يعجبهم افتقار أوباما إلى استراتيجية واضحة في سياسته الخارجية والأمنية، والتغييرات في مواقفه التي لم توصل إلى شيء.
- يبدو أن أوباما متحمس للتصالح مع أعدائه أكثر من المحافظة على علاقاته الاستراتيجية العميقة مع حلفائه. فهذا هو موقفه تجاه روسيا والصين من جهة، وموقفه تجاه مصر والسعودية وإسرائيل وكوريا الجنوبية واليابان من جهة أخرى. ويبدو أن الأزمات الاقتصادية والإيديولوجية والسياسية الداخلية الصعبة التي يواجهها أوباما تجعله لا يريد أو إنه لا يستطيع أن يقود العالم.
- وبرز ذلك بوضوح خلال التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي في ليبيا في آذار/مارس 2011 من خلال سياسة أوباما "القيادة من الخلف". وبرز أيضاً في أزمة استخدام السلاح الكيميائي في سورية وتراجع أوباما عن الخط الأحمر وإعلانه أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لأن تلعب وحدها دور "شرطي العالم".
- ويبرز كذلك الخلاف بين أوروبا والولايات المتحدة بشأن المفاوضات مع إيران. ففي الوقت الذي يبدي فيه أوباما حماسة وتفاؤلاً حيال "دبلوماسية الابتسامات" للرئيس حسن روحاني، يبدو الأوروبيون أكثر حذراَ.
- لقد لمس بوتين الذي يتطلع إلى إعادة روسيا إلى موقعها كدولة عظمى، ضعف أوباما والتصدعات في مواقف الغرب، وملأ الفراغ الذي تركه أوباما وتحول إلى عنصر مهيمن ومؤثر في الساحة الدولية.
- في انتظار أوباما الكثير من العمل، فإذا استطاع أن يجري مفاوضات صلبة مع إيران مثل تلك التي أجراها مع الجمهوريين في الكونغرس بشأن الميزانية، سيكون بإمكانه أن يرمم الضرر الذي تسبب به سنودن للمكانة الدولية للولايات المتحدة وكذلك ترميم علاقاته مع حلفائه في أوروبا وفي مناطق أخرى من العالم.