الهجوم الإسرائيلي العسكري على المنشآت النووية الإيرانية بعيد بعد انتخاب روحاني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • طوال سنوات كانت إيران حاضرة دوماً في الساحة السياسية الإسرائيلية. وفي الواقع، فإن كل خطوة سياسية استثنائية اتخذت في الأعوام الأخيرة جاءت على خلفية التهديد النووي الإيراني، مثل انضمام حزب كاديما إلى ائتلاف نتنياهو في صيف 2012، واستقالته المفاجئة بعد شهرين، والتحالف بين الليكود وإسرائيل بيتنا قبل الانتخابات الأخيرة التي جرت في كانون الثاني/ يناير من هذه السنة.
  • لكن على ما يبدو فإن عصر إيران في السياسة الإسرائيلية يشارف على الانتهاء. وعلى الرغم من عدم وجود دلائل مهمة تدل على ذلك في التطورات الحاصلة على الأرض، إلا أن التهديد النووي اختفى تقريباً من جدول الاعمال الإسرائيلي في خريف 2013، وحل محله تجدد الخلافات بشأن القضايا الاقتصادية والمدنية، وقضايا أخرى أثارتها وسائل التواصل الاجتماعي مثل مسألة الهجرة إلى إسرائيل.
  • إن الاحساس بالخطر المباشر الذي كان يجري ضخه باستمرار إلى الجمهور في إسرائيل مصحوباً بتقارير متواصلة في وسائل الإعلام الدولية بشأن الاعداد لهجوم جوي إسرائيلي ضد المنشآت النووية في إيران، تبدد في أعقاب انتخاب حسن روحاني رئيساَ لإيران في حزيران/يونيو الماضي. صحيح ان المجتمع الدولي لا يزال يعالج الازمة مع إيران بجدية ، لكن النقاش تخلص من الشعور بالإلحاح. وهكذا، فإن الوجه المنفتح الذي يظهره الرئيس الإيراني الجديد حيال الغرب بموافقة جزئية من المرشد الروحي علي خامنئي، أعطى ثماره. فالشعور السائد اليوم هو أن بالامكان التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن كبح نشاطاتها النووية، مما سيقلص فرص قيام إسرائيل بعمل عسكري منفرد من أجل وقف المشروع النووي الإيراني.
  • يرى روبرت آينهورن الذي استقال في أيار/مايو الماضي من منصبه في وزارة الخارجية الأميركية بعد سنوات من العمل الذي تركز على موضوع العقوبات على إيران، أن فرص التوصل إلى تسوية مع إيران أكبر بكثير اليوم مما كانت عليه قبل انتخاب روحاني. وقد علم من حديثه مع زملاء سابقين له شاركوا في الجولة الأخيرة للمحادثات التي دارت في جنيف الأسبوع الماضي، أن الجو تغير بصورة كاملة، فالوفد الإيراني الذي شارك في المحادثات هو استناداً إلى وصف آينهورن رفيع المستوى جداً ("A-team"(، وتبدو إيران هذه المرة مستعدة للتفكير في تسوية مقبولة من الغرب ومن إسرائيل.
  • لقد كان آينهورن أحد المشاركين الأساسيين في مؤتمر عقده معهد دراسات الأمن القومي يوم أمس (الخميس) بعنوان "إيران على مفترق طرق". وكانت الأجواء التي سادت المؤتمر أكثر تفاؤلاً بقليل من أجواء المؤتمرات التي عقدت في الأعوام الماضية، فالصدام الذي لا مفر منه مع إيران ولطالما تحدث الكثيرون عنه، يبدو اليوم مختلفاً للغاية على الرغم من التشاؤم الذي تبديه إسرائيل رسمياً.
  • في هذا المؤتمر قدم ثلاثة خبراء هم البروفسور ديفيد منشري، ومئير ليتفيك، ومهدي حلاجي الذي هو من أصل إيراني ويعيش حالياً في الولايات المتحدة، صورة متعددة الأوجه للوضع في إيران. ففي رأي منشري تشعر إيران بالضغط الشديد نتيجة العقوبات والعزلة الدولية والأزمة الاقتصادية الناتجة عن ذلك. وهي لا تريد أن تجد نفسها وقد تحولت إلى دولة منبوذة، ولذلك تبحث عن مخرج لأزمتها. وهو يعتقد أن روحاني انتخب من أجل انقاذ الثورة الإسلامية من نفسها. ونصح الإسرائيليين بأن يتبنوا توجهاً دبلوماسياً مختلفاً.
  • ورأى حلاجي أن المواطن الإيراني لا يريد ثورة بل إصلاحاً.
  • أما ليتفيك فشدد على الخط المعادي للسامية وليس المعادي لإسرائيل فقط، في تصريحات النظام وكتابات الزعماء الإيرانيين على مر السنين، مشيراً إلى وجود سلسلة متواصلة على هذا الصعيد تبدأ مع الخميني وتنتهي مع روحاني المعتدل ظاهرياً.
  • وتعكس الأجواء التي سادت مؤتمر الأمس الواقع الاستراتيجي المعقد لإسرائيل. وعلى عكس الانطباع كما يبدو أحياناً في القدس، فإن الصورة الحاصلة لا يمكن رسمها بالأبيض والأسود. فخلال السنتين الأخيرتين حدثت بعض التطورات الإيجابية مثل تراجع الخطر التقليدي (نتيجة تأكل قدرة الجيش السوري)، إلى جانب وجود فرصة كبيرة لتدمير خطر السلاح الكيميائي في سورية بفضل الاتفاق بين أوباما وبوتين من دون أن تحرك إسرائيل إصبعاً. وها هو حزب الله متورط في الحرب الأهلية السورية. أما حركة "حماس" في غزة فخسرت الدعامة التي كانت تستند إليها من خلال حكم الإخوان المسلمين في القاهرة وهي على خلاف شديد مع النظام العسكري الجديد في مصر.
  • صحيح أن الموضوع النووي الإيراني لا يزال يثير القلق، لكن للمرة الأولى تبرز بوادر تشير إلى حدوث منعطف من شأنه تقليص خطره المباشر.
  • يتعين على إسرائيل أن تواصل حذرها من إيران، لكنها تستطيع أن تفعل ذلك مع التخفيف من خوفها.