الوساطة الأميركية ليست الفرصة الأخيرة لكنها الفرصة الأفضل في الأوضاع الحالية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       وصلت المساعي الحثيثة التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، من أجل الدفع قدماً بالمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، إلى نهايتها. ففي الخطاب الذي ألقاه في المؤتمر السنوي للجنة اليهودية الأميركية رسم كيري المستقبل الذي ينتظر إسرائيل إذا لم تسعَ إلى التوصل إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني، وتوصل الى خلاصة فحواها: "إن مَن يعتقد أن الوضع القائم في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني سيستمر إلى الأبد هو واهم." وهذا الكلام موجّه إلى إسرائيل وإلى الفلسطينيين أيضاً. لكن تحذير كيري الذي جاء فيه: "إن الزمن يمر، وإذا لم ننجح هذه المرة في اتخاذ القرار، فقد لا تتاح أمامنا فرصة ثانية. وفي حال استمرار الوضع القائم على ما هو عليه، فإنه سيكون على إسرائيل أن تختار بين أن تكون دولة يهودية أو دولة ديمقراطية"، لا يترك مجالاً للشك في أن هذا الكلام يحمّل إسرائيل مسؤولية الفشل.

·       إن السياسة الملتوية التي تبنتها حكومة إسرائيل، والتي تقول إن المفاوضات ليست بينها وبين الفلسطينيين بل بينها وبين الإدارة الأميركية، هي دليل على كم أن هذه الحكومة واهمة. واستناداً إلى هذه النظرة، فإن الهدف من المفاوضات هو إرضاء الولايات المتحدة الصديقة الأخيرة لإسرائيل، وعندما يخفّ الضغط الأميركي، ويستسلم وزير الخارجية الأميركي، ويزول خطر تدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، لا يعود هناك حاجة إلى المفاوضات.

·       وعلى ما يبدو فإن إسرائيل ليست منزعجة بشكل خاصة من خطر أنها قد تضطر للاختيار بين الطابع الديمقراطي للدولة أو الطابع اليهودي، أو من التلميح المكثّف الذي وضعه كيري على عتبة بابها بأن اليهودية والديمقراطية ليسا مفهومين متطابقين. كما أن النظرة الأميركية بأنه لا يمكن أن يكون هناك دولة احتلال إلى ما لا نهاية، لا تتطابق مع نظرة إسرائيل التي تحتفل اليوم بمرور 46 عاماً على احتلال الضفة الغربية.

·       لقد اعتادت إسرائيل منذ أعوام، الكلام على "الفرصة الأخيرة للسلام"، ونجحت في التهرب تقريباً من كل "فرصة أخيرة"، وحصّنت نفسها في مواجهة الضغوطات الداخلية والخارجية. ويمكننا هذه المرة أن نلمس ارتياح الحكومة الإسرائيلية إزاء فشل كيري في مهمته، وذلك بعد أن تعاملت معه ومع مهمته كأمر مزعج.

 

·       إن الوساطة الأميركية الحالية ليست الفرصة الأخيرة، لكنها فرصة تأتي في ظل أوضاع مواتية، فالضفة الغربية هادئة، والسلطة الفلسطينية لم تستأنف حملتها من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والدول العربية مستعدة لتأييد أي تسوية مرنة، ودول العالم لم تفرض حظراً رسمياً على إسرائيل. لذا يمكن القول إن الحكومة التي تتجاهل هذه الأوضاع وتتجاهل الضغط الأميركي، تعرّض مواطنيها للخطر.