· من المعروف أن الجيش الإسرائيلي يضم أعداداً من الجنود تفوق الأعداد التي يضمها كل جيش من جيوش الدول العظمى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، كما أنه يمتلك وسائل قتالية- أي دبابات وطائرات ومدافع وما إلى ذلك- أكثر مما يمتلك كل جيش من جيوش هذه الدول الأوروبية العظمى، فضلاً عن كونها وسائل قتالية ذات نوعية متطورة للغاية.
· ولا شك في أن سبب ذلك يعود أساساً إلى كون إسرائيل تواجه منذ قيامها وحتى الآن وضعاً جيو- استراتيجياً مغايراً كلياً للأوضاع الجيو- استراتيجية التي تواجهها الدول الأوروبية. وتقف في صلب هذا الوضع التهديدات التي تحيط بالدولة، والتي تتغير من فترة إلى أخرى، وآخرها تهديد الصواريخ المتعددة التي يمكن أن تمس جبهتها الداخلية المدنية.
· ومع ذلك، فإن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: هل ما زال حجم الجيش الإسرائيلي ونوعيته ملائمين لتوفير الرد المطلوب على التهديدات المتربصة بالدولة؟. إن ما يمكن قوله، في معرض الإجابة عن هذا السؤال، هو أن هذه التهديدات لا تسمح بعد بتقليص عدد أفراد الجيش الإسرائيلي، وذلك لسبب بسيط للغاية هو أنه ما زال جيشاً أصغر من الجيش المصري، أو حتى من الجيش السوري. وفي حال نشوب حرب تقليدية جديدة مثل حرب يوم الغفران [حرب تشرين/ أكتوبر 1973]، فإن الجيش الإسرائيلي سيجد نفسه في مواجهة جيشين كل منهما أكبر منه بخمسة أضعاف.
· ثمة أمر آخر لا بُد من الانتباه إليه، وهو أن ميزانية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك المساعدات العسكرية الأميركية، ما زالت أقل بـ 4- 5 أضعاف من ميزانية المؤسسة الأمنية في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وذلك على الرغم من أن حجم الجيش الإسرائيلي أكبر من حجم جيش كل دولة من هذه الدول، وذو قدرات نوعية أفضل. وبالتالي فإن قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير القاضي بتقليص مبلغ 3 مليارات شيكل من هذه الميزانية ينطوي على خطر كبير، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.