الفوائد التي تجنيها إسرائيل من استمرار الحرب الأهلية في سورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·     على الرغم من التصريحات الحادة هذا الأسبوع، فإن التطورات الأخيرة للأزمة السورية تبشر باستمرار الحرب الأهلية أكثر مما تبشر بانتهائها في وقت قريب. فقد ردت روسيا فوراً على إعلان الاتحاد الأوروبي، بعد تردد استمر قرابة العامين، رفع الحظر على تزويد الثوار بالسلاح، بالتشديد على التزامها صفقة السلاح مع نظام الأسد والتي سيتم تزويده في إطارها بمنظومة صواريخ جديدة مضادة للطائرات من طراز S-300.

·     واستناداًَ إلى نائب وزير الخارجية الروسي، فإن هذه المنظومات من السلاح هي "للدفاع عن سورية من التدخل الأجنبي." وكلما نجحت مساعي الموالين للرئيس الأسد في وقف تقدم الثوار، كلما خرجت القوى المؤيده  له عن صمتها  وكشفت عمق تورطها في النزاع.

·     وقد برز هذا بصورة خاصة  الأسبوع الماضي في التصريحات الأخيرة الصادرة عن موسكو، وفي خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. واستناداً إلى تقرير منظمة تتابع المعارك في سورية عن كثب، فقد قُتل لحزب الله في هذه الحرب خلال الشهر الأخير فقط 141 مقاتلاً، بينهم 79 قتلوا خلال الأيام العشرة الماضية في المعركة الدائرة حول بلدة القصير الاستراتيجية المتاخمة للحدود اللبنانية، وهذا يعني أن حزب الله خسر أكثر من واحد في المئة من قواته العسكرية خلال شهر بسبب دعمه للأسد، وهذه خسارة لا يستهان بها بالنسبة إلى مليشيا صغيرة نسبياً.

·          لقد تبددت التقديرات السابقة التي تحدثت عن السقوط القريب للطاغية السوري،  ومنذ بداية العام الحالي بدأ يبرز أكثر فأكثر تعادل الطرفين. صحيح أن بشار الأسد فقد السيطرة على ما يقارب نصف أراضي الدولة السورية، بيد أن عدم التنسيق بين حركات المعارضة، إلى جانب ضعفها العسكري، لم يسمحا لها بالحلول محل السلطة المركزية، على الرغم من عمليات الاغتيال التي نفذتها.

·          إن الخسائر التي تسببت بها هذه الحرب آخذة في الازدياد: فهناك أكثر من 80,000 قتيل، وأكثر من مليون ونصف مليون لاجىء، ونحو ثلاثة ملايين مواطن اضطروا إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى أماكن أخرى في سورية. وفي الوقت عينه، بدأت انعكاسات هذه الحرب  تنزلق إلى خارج حدود سورية، فالأردن وتركيا يعانيان جراء نتائج هذه الحرب. أما في العراق، وبصورة أقل في لبنان فتدور حرب أهلية بين الشيعة والسنة.

·          في هذه المأساة ، وعلى الرغم من الانطباع المعاكس أحياناً، فإن إسرائيل هي لاعب ثانوي فقط. ففي أعقاب سلسلة التهديدات التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون، تبرز محاولة للعودة إلى أسلوب أكثر هدوءاً وتعقلاً. فبالأمس عندما سئل وزير الدفاع، بوغي يعلون، عن صواريخ

·          S-300 اكتفى بالقول إن إسرائيل "تعرف ما عليها فعله". ويبدو اليوم وعلى الرغم من الأضرار التي تنطوي عليها الحرب في سورية بالنسبة لإسرائيل فإنه يبدو اليوم أن الميزان العام للواقع الناشىء هناك ينطوي على فوائد لنا لا بأس بها.

·          فإلى جانب الضعف الواضح للجيش السوري المنهك بالقتال الدموي، يبرز اليوم التآكل في قوة حزب الله في المعارك، والنقد الداخلي الذي يواجهه نصر الله بسبب تدخله في الحرب في سورية.

 

·          طبعاً، لا يمكننا أن نتجاهل التهديدات الصادرة عن سورية وحزب الله بفتح "جبهة للمقاومة" جديدة ضد إسرائيل في هضبة الجولان، لكن إذا استطاعت إسرائيل البقاء خارج هذه الاضطرابات، فإن ثمة حظوظاً كبيرة في أن تستطيع احتواء الوضع على طول الحدود ومنع انفجار العنف على نطاق واسع. لذا يمكن القول، من دون أن نتجاهل المخاطر التي ينطوي عليها الوضع غير المستقر، إن الصورة في سورية في هذه المرحلة ليست قاتمة من وجهة النظر الإسرائيلية.