سيناريو الحرب التي قد تقع سنة 2025 كما صوره رئيس الأركان الإسرائيلي في محاضرته في جامعة بار إيلان
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- قد يعتبر أهم خطاب ألقاه رئيس الأركان بني غانتس خلال ولايته هو ذلك الذي ألقاه هذا الأسبوع أمام قاعة نصف مملوءة في جامعة بار إيلان. فبعد مرور يومين على استغلال بنيامين نتنياهو احتفال مركز بيغن- السادات بمرور 20 عاماً على تأسيسه، كي يكشف عن مواقفه المتشددة وعدم تهاونه حيال جميع القضايا الأساسية ابتداءً من الخطر الإيراني وصولاً إلى الساحة الفلسطينية، حاول غانتس أن يرسم صورة الجيش الاسرائيلي والحرب المستقبلية كما يمكن أن يكونا بعد عقد من الزمن أو أكثر.
- يكثر رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي من الكلام العلني ولا سيما عندما تشارف ولايتهم على الانتهاء. ويمكن بصورة عامة تصنيف خطاباتهم إلى نوعين: الخطابات التي تلقى في المناسبات الرسمية، والخطابات الاستراتيجية التي يستعرض فيها رؤساء الأركان بلهجة جدية المخاطر في الساحة المحيطة بإسرائيل ويحذرون من المس بالميزانية بشكل يضعف قوة الجيش الإسرائيلي.
- لقد اختار غانتس النوع الثاني من الخطابات وطلب من سامعيه أن يسامحوه إن لم يضجرهم بما أسماه التطرق التقليدي لما يحدث في كل ساحة وكل دولة مجاورة" وقال أنه سيكتفي بملخص سريع لبضعة توجهات استراتيجية. وقد وصف الشرق الأوسط بأنه يغرق في "عدم الاستقرار" الأمر الذي أدى إلى تشويش النظام الإقليمي. وعدّد من هذه التغييرات: سقوط نظام حسني مبارك؛ انقطاع العلاقة بين غزة ومصر بعد الانقلاب العسكري في القاهرة؛ وعزلة زعامة "حماس" في غزة، ونمو الارهاب في سيناء.
- من جهة أخرى، أشار غانتس إلى عدد من التطورات التي قد يتضح أنها إيجابية: الاتفاق على إخراج السلاح الكيميائي من سورية؛ واحتمالات التفاوض الدبلوماسي للتوصل إلى صفقة مع إيران بشأن مشروعها النووي؛ واتفاق محتمل مع السلطة الفلسطينية. جميع هذه التوجهات قال غانتس إنها يمكن أن تؤدي "بالاستناد إلى وصف بعض كبار الشخصيات عندنا في ظروف أخرى، إلى نشوء شرق أوسط جديد".
- واستناداً إلى غانتس، تمر إسرائيل من بيئة فيها أنظمة فاعلة إلى مواجهة دول تتفكك إلى تكوينات فرعية "هي ما دون الدولة لكنها تملك قدرات عملانية ضخمة".
- ولا يبدو أن اختيار رئيس الأركان الحديث عن سيناريو حرب على جبهة محددة هي جبهة الجولان صدفة، إذ تنتقل هذه الحدود تدريجياً وبعد نحو 40 عاماً من الهدوء الكامل إلى وضع من عدم الاستقرار المثير للقلق. واستناداً إلى السيناريو الافتراضي لغانتس، فإنه من المحتمل أن يجري تفجير عبوة ناسفة أو يُطلق صاروخ مضاد للطائرات على دورية إسرائيلية بالقرب من الحدود، فعلى نحو يُذكر بالهجوم الذي شنه حزب الله في بداية حرب لبنان الثانية في 2006، أو أن يجري خطف ثلاثة جنود ويعلن تنظيم سني تابع للقاعدة مسؤوليته عن الهجوم.
- لكن الشيء الذي لا يشبه حرب 2006 هو أن الهجوم على جبهة واحدة سيشعل أغلبية حدود إسرائيل وسيطلق "معركة على عدة جبهات فوراً". وسيقوم حزب الله الشيعي بإطلاق صليات صواريخه من الجليل، وستواصل تنظيمات الجهاد محاولاتها التسلل إلى الجولان (لم يشرح لنا غانتس كيف ولماذا سينسق حزب الله الشيعي عملياته مع التنظيمات السنية التي تقف على الطرف الثاني من المتراس في النزاع الذي يقسم العالم العربي).
- في رأي غانتس، فإن مستوى دقة الصواريخ سيزداد بصورة كبيرة، وأضاف: "إذا أراد حزب الله اصابة أهداف محددة في جميع أنحاء إسرائيل، فهو يعرف كيف يفعل ذلك"، وستطلق الصواريخ على إيلات. وسيحاول مئات المقاتلين من "حماس" السيطرة على حواجز الجيش الإسرائيلي على الحدود مع غزة.
- وفي اعتقاد غانتس أنه إلى جانب المعارك على الحدود التي ستنعكس بصورة قاسية على الجبهة الداخلية في إسرائيل، ستدور "حرب سيبرانية كبيرة ستؤثر ليس فقط على المنظومات العسكرية بل المدنية أيضاً". وسوف تكون هذه حرب مكشوفة لأنها ستغطى بكثافة من جانب وسائل الإعلام لدى الطرفين في الوقت الحقيقي.
- ستحرص إسرائيل، لكنها لن تستطيع أن تتفادى كلياً، إصابة المدنيين لدى العدو – وكل حدث من هذا النوع سيؤدي إلى خطوات لنزع الشرعية عنها في العالم وإلى مطالبة دولية بوقف فوري لعمليات الجيش الإسرائيلي.
- في مواجهة هذه الاخطار يجري اليوم إعداد الرد العملاني. وفي الواقع عرض غانتس في محاضرته نسخة مختصرة غير رسمية لوثيقة يجري العمل عليها في الفترة الأخيرة بعنوان: "الجيش الإسرائيلي سنة 2025: الرؤيا وتوجهات العمل في العقد القادم". وتشمل ملخصاً للاصلاحات التي يقوم بها رئيس الأركان في الجيش في ظل تطورين: التغييرات الإقليمية التي ذكرها (وبينها تضاؤل الخطر التقليدي من جانب الدول المجاورة)، وضغوط الميزانية التي لا تسمح للجيش بالدرس والتطبيق البطيء للتغييرات المطلوبة.
- يرى غانتس أن الوقت الحالي فرصة للقيام بالتغييرات من خلال خفض حجم القوات النظامية في بعض الوحدات وتغيير بنية القوة العسكرية وخفض التكلفة الحالية. ويشدد رئيس الأركان على حاجة الجيش إلى التغيير، لكنه يشدد كذلك على ضرورة أن يفعل ذلك بمسوؤلية بسبب المخاطر التي تحيط به.
- وشدد غانتس في الوثيقة وفي خطابه على أهمية المحافظة على قدرة الجيش الإسرائيلي على المناورة البرية، وعلى ميزات وسائل أخرى فائقة التكنولوجيا وفي طليعتها سلاح الجو، والقدرات الاستخباراتية المتقدمة (مع التشديد على تقديم معلومات استخباراتية دقيقة خلال الحرب إلى قادة الوحدات العسكرية المتقدمة في ساحة القتال)، والحرب السيبرانية، واستخدام النيران الدقيقة من البر والبحر، وعلى الحاجة لزيادة الدفاع في مجال المنظومات الدفاعية الاعتراضية للصواريخ بدءاً من حيتس وانتهاء بالقبة الحديدية.