· إن الجريمة المروعة التي أودت بعائلة فوغل في إيتامار تجعل الدماء تغلي في العروق، إلاّ إنها تستدعي رداً عاقلاً سنطلق عليه اسم "مبادرة إيتامار".
· ما الذي ستتضمنه هذه المبادرة؟ أولاً، علينا إعادة الأمن، وإلقاء القبض على القتلة ومحاسبتهم، ومحاسبة السلطة الفلسطينية أيضاً. فمنذ زمن طويل تتمسك السلطة بموقفها الرافض لكل اقتراح ومبادرة، وتعلن عدم استعدادها الدخول في مفاوضات مباشرة من دون شروط، وهي خطوة أولى وطبيعية في كل حوار؛ ثانياً، علينا التخلص من الصيغة الفاشلة التي تقول "السلام يحقق الأمن"، فوحده الأمن يحقق الأمن، ومن دون أمن لا وجود للسلام. ومن الواضح ألاّ فائدة من الانكباب على "خطاب بار إيلان 2"، وإنما يجب التخطيط لعملية "الجدار الواقي 2" [نسبة إلى العملية التي شنها شارون في سنة 2002 على الضفة الغربية].
· مع مرور الأعوام توسعت إيتامار جنوباً حتى وصلت إلى "هضبة 777" التي تشرف على غور الأردن، وهو المنطقة رقم واحد من حيث الأهمية الأمنية الوطنية. إن من حق كل دولة الحصول على حدود قابلة للدفاع عنها، فكيف بالأحرى إسرائيل، وقد صدق رئيس الحكومة عندما قال في أثناء زيارته لغور الأردن إن هنا تقع الحدود الشرقية لأمننا.
· يُفترض بالحدود القابلة للدفاع أن تلبي ثلاث حاجات أمنية أساسية: الحاجة الأولى هي الحفاظ على العمق الاستراتيجي، إذ تبلغ مساحة إسرائيل من نهر الأردن حتى البحر المتوسط نحو 64 كيلومتراً، وهذا يشكل الحد الأدنى للعمق الاستراتيجي الذي يزداد أهمية في هذه الفترة التي تسعى فيها إيران للحصول على القدرة النووية، وزيادة عدد الصواريخ الباليستية، والقذائف البعيدة المدى، والتي تهدد بصورة أساسية المراكز الآهلة.
· وتكمن الحاجة الأمنية الثانية في القدرة على مواجهة هجوم تقليدي من الشرق، إذ عاد الغموض بقوة إلى الشرق الأوسط. فالقوات الأميركية تواصل خروجها من العراق، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث هناك بعد أعوام، أو ماذا سيجري في الأردن. وفي مثل هذه الحالة لم يعد نشوء جبهة شرقية مجرد إمكان ضئيل، فنحن بحاجة إلى الاحتفاظ بالقدرة على الدفاع عن أنفسنا في وجه هجوم يُشن علينا من الشرق.
· أمّا الحاجة الثالثة فهي تجريد المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية من السلاح، إذ إن بقاء إسرائيل في كل المنطقة الشرقية للضفة الغربية هو وحده الذي سيسمح بتجريد فعلي للكيان الفلسطيني من السلاح. وكما هو معلوم فقد شكل نزع السلاح شرطاً أساسياً من الشروط التي وضعتها إسرائيل من أجل الموافقة على "دولتين لشعبين".
· أضيف وأقول ما لم يكن في إمكان رئيس الحكومة قوله في أثناء زيارته لغور الأردن، أننا لا نطالب بترتيبات أمنية هناك، وإنما بالسيادة. وإذا ما تحققت السيادة سنحرص على الترتيبات الأمنية، وفي حال لم تتحقق لن تكون هناك ترتيبات أمنية ولا أمن.