انعكاسات أحداث الشرق الأوسط على علاقة الاتحاد الأوروبي بإسرائيل
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال، العدد 246
المؤلف

·       فاجأت الأحداث التاريخية التي يمر بها الشرق الأوسط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأربكتها، إذ طالما اعتبرت الدول الأوروبية المجاورة هذه المنطقة مستقرة. وقد حرص الحكام العرب عبر دعمهم سياسة الاتحاد الأوروبي على تأمين مصالحه التي تتلخص في التدفق المنتظم للنفط والغاز، وكبح توسع الإسلام الراديكالي، ومنع الهجرة غير الشرعية.

·       وعلى الرغم من عدم معرفتنا كيف ستنتهي الفترة الانتقالية التي بدأت، يمكن أن نقول إن عهد الاستقرار المزعوم قد انتهى. ويبرز التساؤل عن رد الاتحاد الأوروبي على التغيرات التي تواجهها المنطقة، وانعكاس هذه التغيرات على علاقة إسرائيل بالاتحاد الأوروبي.

·       إن نقطة الانطلاق التي توجه علاقات الاتحاد مع المنطقة الجنوبية للبحر المتوسط والشرق الأوسط هي افتراض وجود علاقة بين أمن أوروبا واستقرارها، وبين الواقع السائد في المنطقة. من هنا يُعتبر الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي لهذه المنطقة  أمراً حيوياً بالنسبة إلى استقرار أوروبا وأمنها. وقد شكلت هذه الحقيقة أساس الاتفاقات الثنائية التي وُقعت على مر الأعوام بين الاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، وأساس مبادرة دول البحر المتوسط في الاتحاد (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا) إلى إنشاء إطار (في تشرين الثاني/ نوفمبر 1995) سُمّي "عملية برشلونة"، وشاركت فيه كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى جانب دول البحر المتوسط التي ليست في الاتحاد.

·       وفي هذا الإطار، تم الاتفاق على البدء بإصلاح بنيوي يهدف من جهة إلى تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، ويؤدي من جهة أُخرى إلى نشر الديمقراطية والتعددية السياسية وحماية الحريات الفردية. وكانت الفرضية الأساسية للعمل أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي من دون ديمقراطية. وجرى تعيين سنة 2010 موعداً لإنشاء منطقة التجارة الحرة (للبضائع) في الشرق الأوسط، والتي يُفترض أن تعكس زيادة التعاون والاندماج بين الاتحاد وجاراته الجنوبية.

·       إلاّ إن الرؤيا الأوروبية لم تتحقق، وباستثناء الكلام الأوروبي على الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، لم ينفذ الاتحاد الأوروبي ولو جزءاً بسيطاً من جدول أعماله الطموح، على الرغم من الحوافز التي يملكها. إذ ترك لحكام الدول العربية أن يضعوا هم جدول الأعمال، مفضلاً تجاهل المبادىء التي طالب بتحقيقها لمصلحة الدفاع عن مصالحه. وبذلك يمكن القول إن للاتحاد الأوروبي دور في التدهور الحاصل.

·       وفي أعقاب الأحداث الأخيرة في تونس ومصر، سارع زعماء الاتحاد الأوروبي إلى إعلان مواقف قاسمها المشترك هو الاعتراف بالحاجة إلى التغيير السياسي، وقرروا في اجتماع طارىء عُقد في 13 آذار/ مارس، البحث في خطة للتعاون مع دول المنطقة وتقديم المساعدة لها.

·       إن التعديلات المرتقبة في سياسة الاتحاد الأوروبي إزاء منطقة الشرق الأوسط، لن تؤثر في نمط التعاون الثنائي مع إسرائيل، كذلك من السابق لأوانه تقدير كيف ستنعكس التغيرات داخل منظمة دول حوض البحر المتوسط على موقع إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ألقى بظلاله على النقاشات الدائرة داخل الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر، في إطار استخلاصه الدروس مما يجري، إلى إيجاد سبيل لمنع عرقلة تحقيق أهدافه، لذا يشدد زعماء الاتحاد على ضرورة إحراز تقدم سريع في عملية السلام في الشرق الأوسط، واعتبار ذلك ركيزة مهمة في المساعي الرامية إلى توطيد الاستقرار الإقليمي.

·       يمكننا الافتراض أن الاختلاف في تقدير الوضع وفي النتائج المترتبة عليه سيزيد في تعارض وجهات النظر بين الاتحاد وإسرائيل بشأن عدد من الموضوعات السياسية المتعلقة بالتسوية الدائمة، وسيكون لذلك انعكاس سلبي على العلاقة بين الطرفين.