· يمكن القول إن التطورات الأخيرة التي تشهدها سورية لا تثير قلق إسرائيل فحسب، بل أيضاً تتسبب بمواجهة علنية بين الولايات المتحدة وروسيا، بعد أن تبين أن روسيا ترغب في الحفاظ على بقاء نظام الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي يثير كثيراً من المخاوف في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
· يبدو أن روسيا برئاسة فلاديمير بوتين تعتقد أن واشنطن تمارس سياسة ثابتة إزاءها تسعى من خلالها لإلحاق أضرار فادحة بأكثر ثلاث مصالح حساسة بالنسبة إلى موسكو. وتتجسد هذه السياسة في ما يلي: أولاً، محاولة المس بشرعية نظام بوتين من خلال اتهامه بأنه نظام غير ديمقراطي ينتهك حقوق الإنسان؛ ثانيًا، محاولة المس بالمصالح الروسية في الدول التي كانت في الماضي جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق والتي يعتبرها بوتين بمثابة ساحة خلفية له؛ ثالثًا، محاولة دفع مجموعة من المبادرات الأميركية الأحادية الجانب والسعي لفرضها على بوتين كوقائع ناجزة.
· وما دام بوتين ينظر على هذا النحو إلى السياسة الأميركية، فإنه سيظل يبحث عن طرق تتيح له إمكان تسديد ضربات قوية إلى الولايات المتحدة. ولا شك في أن الأوضاع في سورية تمنحه فرصة ثمينة لتسديد ضربات كهذه.
· إن قدرة إسرائيل على التأثير في الصراع الدائر بين الدولتين العظميين هي قدرة محدودة للغاية. وإذا ما كانت إسرائيل راغبة في عدم قيام روسيا بتزويد سورية أسلحة متطورة، على غرار صواريخ S-300 المضادة للطائرات، وصواريخ أرض- بحر من طراز ياخونت، وفي أن تقوم بتقديم مساعدة أكبر في كبح البرنامج النووي الإيراني، فإن الطريقة الوحيدة لذلك كامنة في تنازل الولايات المتحدة عن بعض المبادئ الأيديولوجية في سياستها العامة إزاء روسيا، وتوصل هاتين الدولتين العظميين إلى صفقة شاملة بينهما تقوم على أساس الأخذ والعطاء، ومراعاة المصالح المتبادلة لكل منهما. وبناء على ذلك، فإن من الأفضل لإسرائيل أن تحاول التأثير في الولايات المتحدة لتغيير سياستها إزاء روسيا، بدلاً من محاولة ممارسة الضغوط على هذه الأخيرة والتي لن تجدي نفعاً.