· يمكن القول إن الانطباع الذي تكون لدي بعد إجراء محادثة خاصة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخراً هو أنه يدرك جيداً الأوضاع الحقيقية لدولة إسرائيل، سواء الداخلية منها أو السياسية والأمنية والدولية، وأنه أيضاً يحلل تداعياتها بصورة منطقية.
· وبحسب ما سمعته من رئيس الحكومة فإن تحليل هذه الأوضاع يفضي إلى استنتاج واحد ووحيد، فحواه أن الوقت لا يعمل لمصلحة إسرائيل. فضلاً عن ذلك فإن من المتوقع أن نشهد في الأشهر القليلة المقبلة إعلان الأمم المتحدة إقامة دولة فلسطينية، وتفاقماً في أوضاعنا الأمنية، وربما تقويض اتفاقيتي السلام مع كل من مصر والأردن، والأهم من ذلك كله ازدياد التآكل في مكانة إسرائيل في نظر الإدارة الأميركية الحالية.
· لا شك في أن الاستنتاج السياسي المطلوب من هذا كله هو استغلال الفرصة وإيجاد حل للنزاع مع الفلسطينيين. لكن يبدو أن نتنياهو ما زال ينتظر. ومع ذلك لا بد من رؤية أن رئيس الحكومة يميل إلى أن ينسى كلياً كلمات نشيد "ضفتان للأردن" [وهو نشيد حزب الليكود الذي يقول مطلعه "للأردن ضفتان، هذه لنا وتلك أيضاً" تعبيراً عن التمسك بـ"أرض إسرائيل الكبرى"]، فما حدث له هو نفسه ما حدث لرؤساء الحكومات في إسرائيل كلهم، ولا سيما منذ انتهاء حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973] وفحواه إدراك حدود القوة العسكرية الإسرائيلية.
· بكلمات أخرى، يمكن القول إن نتنياهو يتخلى رويداً رويداً عن أفكاره الأيديولوجية القديمة، وهي عملية تتسم بالبطء الشديد، لكن تبقى المشكلة كامنة في أن الشرق الأوسط والعالم لا يملكان الصبر والوقت اللازمين لنضوج هذه العملية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى إغلاق نافذة الفرص المفتوحة أمام إسرائيل في الوقت الحالي.