من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يبدو أن الخوف من قيام دولة ثنائية القومية على أرض إسـرائيل هو الذي يدفع اليمين واليسار إلى تقديم اقتراحات كثيرة للتنازل عن هضاب يهودا والسامرة - أرض إسرائيل التوراتية - إلى قوى لا نعرفها تماماً وذات مستقبل غامض. لكن عملياً، فإن إسرائيل هي فعلاً دولة ثنائية القومية يعيش فيها شعبان: اليهود والعرب. ويمكن القول إن المؤيدين لقيام دولة فلسطينية في يهودا والسامرة هم ببساطة الذين يرفضون زيادة السكان من العرب إلى سكان إسرائيل. ووراء شعار "دولتان لشعبين" يكمن شعارهم الحقيقي "لا لمزيد من العرب".
· منذ أيام تيودور هيرتسل كان الصهيونيون جميعاً يدركون أنه سيكون في الدولة اليهودية التي ستنشأ عدد كبير من المواطنين العرب. واستناداً إلى زئيف جابوتنسكي، فإن شرط قيام الدولة العبرية هو وجود أغلبية يهودية، لكن لم يكن واضحاً ما هو حجم هذه الأغلبية اليهودية، وما هو الحجم الذي يمكن أن تبلغه الأقلية العربية داخل حدود الدولة من دون أن يؤدي ذلك إلى إزالة طابعها اليهودي. فهل هذه الأقلية يجب أن تكون بحجم 17% كما هي الحال عليه اليوم، وأن تكون هذه النسبة هي الحد الأقصى، أو ربما 20%؟ وهذا ما سيحدث إذا طالب كل سكان القدس الشرقية من العرب بالحصول على الجنسية الإسرائيلية؟ وهل نسبة 30% هي تجاوز للحد المقبول؟ وكيف ستتغير النسبة العددية بين اليهود والعرب داخل الدولة مع مرور الزمن؟ وإلى أي حد يمكننا الاعتماد على التوقعات الديموغرافية؟ وهل من المتوقع حدوث هجرة كبيرة؟
· وأي مخاطر يتعين علينا أن نأخذها على عاتقنا إذا ما أخذنا في الاعتبار جميع هذه الأسئلة التي لا نملك جواباً قاطعاً عليها: هل يتوجب علينا التخلي إلى الأبد عن أجزاء كبيرة من يهودا والسامرة واقتلاع عشرات الآلاف من الإسرائيليين من بيوتهم؟ أم يجب التخطيط لضمّ أراضي يهودا والسامرة إلى دولة إسرائيل، والموافقة على أن يصبح السكان العرب الذين يعيشون هناك مواطنين في الدولة؟
· في هذه الأثناء علينا القيام ببعض الأمور التي من شأنها تحسين الوضع حتى لو كنا لا نعرف بعد بدقة ما ستكون عليه نتائجها في المستقبل: التقدم في اتجاه دمج السكان العرب في المجتمع الإسرائيلي، وتشجيع الهجرة إلى إسرائيل. وفي الواقع فإن اندماج الأقلية العربية مرتبط مباشرة بمسألة مدى قدرة أقلية كبيرة على العيش بسلام في إسرائيل. فالأقلية التي تعيش غريبة داخل الدولة، وتعادي كل ما تمثله هذه الدولة، تشكل مشكلة. أمّا الأقلية المندمجة جيداً في الدولة، والتي تعتبرها وطناً لها، فهي بمثابة مكسب.
· وفي الواقع، وعلى الرغم من معارضة الأطراف الإسلامية المتطرفة، مثل الحركة الإسلامية، فقد برزت في الأعوام الأخيرة مؤشرات تدل على الاندماج المتدرج لكثير من العرب في المجتمع الإسرائيلي، وحدث هذا الأمر بصورة عفوية، ومن دون مساعدة كبيرة من جانب الحكومة. وكان يمكن إحراز تقدم أكبر في هذا الشأن لو جعلت الحكومة هذا الأمر بين أولوياتها الأساسية. ومع مرور الزمن قد يتضح أن المشكلة الديموغرافية تختلف عما تبدو عليه اليوم.
· ومما لا شك فيه أن الوجه الآخر للمسألة الديموغرافية هو الهجرة. ففي الماضي كانت أغلبية المهاجرين تأتي من الدول التي كانت تعاني فيها الجاليات اليهودية ضائقة، ومستقبلاً فإن المهاجرين إلى إسرائيل سيأتون بسبب ما تتوفرة لهم الدولة، وليس لأن إسرائيل تشكل ملاذاً. إن التقدم الاقتصادي الكبير لدولة إسرائيل خلال العقد الأخير جعل منها دولة تتوفر فيها فرص جيدة، كما أن مستوى الحياة فيها مرتفع مثل مستوى الحياة في كثير من الدول التي تعيش فيها جوالٍ يهودية كبيرة. فهل سنستطيع مضاعفة معدل الهجرة إلى إسرئيل، والذي يبلغ اليوم 20 ألف مهاجر سنوياً؟ وهل من الممكن أن يأتي نصف مليون يهودي خلال الأعوام العشرة المقبلة؟ إن هذا أمر ممكن في حال انتهجت الحكومة سياسة فاعلة لتشجيع الهجرة.