تقرير جديد لمنظمة بتسيلم: أكثر من نصف الفلسطينيين الذين قُتلوا في أثناء عملية "عمود سحاب" كانوا من المدنيين غير الضالعين في القتال
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

أورد تقرير جديد نشرته منظمة بتسيلم [مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة] أمس (الخميس) أن أكثر من نصف الفلسطينيين الذين قُتلوا في أثناء عملية "عمود سحاب" التي شنّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة خلال الفترة 14 - 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 كانوا من المدنيين غير الضالعين في القتال، وأكد أن الصورة الراسخة في أذهان الجمهور ووسائل الإعلام في إسرائيل عن أن العملية كانت عبارة عن "عملية جراحية" أديرت من دون أن تُلحق تقريباً أي خسائر في أرواح السكان الفلسطينيين المدنيين غير الضالعين في القتال، هي صورة بعيدة كلياً عن الواقع، ولا تمتّ إلى الحقيقة بصلة.

وأشار التقرير إلى أنه وفقاً للتحقيق الذي أجرته بتسيلم يتبين أن 167 فلسطينياً لقوا مصرعهم بنيران الجيش الإسرائيلي في أثناء عملية "عمود سحاب"، 62 شخصاً منهم اشتركوا في القتال، و7 أشخاص كانوا هدفاً لعمليات اغتيال مدبرة [نفذتها إسرائيل]، و87 شخصاً منهم لم يشتركوا في القتال قط. أمّا الباقون (11 شخصاً) فلم تنجح بتسيلم في أن تحسم فيما إذا كانوا ضالعين في القتال أم لا.

وأضاف التقرير أن هناك فارقاً كبيراً في حجم المسّ بالفلسطينيين الذين لم يشتركوا في القتال بين الأيام الأربعة الأولى من العملية، وبين الأيام الأربعة الأخيرة، ففي الأيام الأربعة الأولى قُتل في المجمل 48 فلسطينياً، بينما قُتل في الأيام الأربعة الأخيرة 119 فلسطينياً، أي أكثر بضعفين ونصف الضعف. وفي الأيام الأربعة الأخيرة، وخصوصاً 18 و19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، قُتل 70 فلسطينياً لم يشتركوا في القتال، أي أكثر بأربعة أضعاف الذين قُتلوا في الأيام الأربعة الأولى، وكان عددهم 17 فلسطينياً.

وقال التقرير إن هذه المعطيات تثير الاشتباه في أن الجيش الإسرائيلي قام بممارسات مخالفة لقوانين الحرب المتعارف عليها، وخصوصاً من خلال جانبين أساسيين: أولاً، عدم توجيه إنذار فعّال قبل القيام بهجوم ما؛ ثانياً، توسيع تعريف الهدف الشرعي للهجوم بصورة غير لائقة.

وأضاف أنه استناداً إلى تصريحات صادرة عن جهات عسكرية إسرائيلية مسؤولة، يتبين أن القدرات التقنية القائمة لدى الجيش تتيح إمكان إصابة الأهداف بدقة، وإمكان الحصول على معلومات موثوق بها تتعلق بوجود المدنيين. وبناء على ذلك، يتعين على الجيش تقديم تفسير للارتفاع الكبير في عدد القتلى الفلسطينيين الذين لم يشتركوا في القتال في أيام العملية الأخيرة، وإلاّ فإن السؤال الذي سيبقى مطروحاً هو: هل تغيرت سياسة إطلاق النار، وهل تقرر تنفيذ هجمات على الرغم من الضرر الذي من المتوقع أن يلحق بالمدنيين؟

ولفت التقرير إلى أنه قبل نحو أربعة أشهر أرسلت بتسيلم إلى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قائمة بعشر حالات شهدتها عملية "عمود سحاب" تشمل تاريخ وزمان وموقع كل حالة منها، وتبيّن خلال التحقيق الأولي أن هناك اشتباهاً في أن الجيش تصرّف فيها خلافاً للقانون. غير أن هذا الناطق أفاد بأنه يعرف ثماني حالات منها فقط، وامتنع من إرسال أي رد محدد، باستثناء قوله إن معالجة الجيش لهذه الحالات انتهى، أو إن معالجتها مستمرة.

وعقّب التقرير على ذلك قائلاً: "إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النتائج الوخيمة لتلك العملية العسكرية، والأسئلة الكثيرة التي ظلت مفتوحة، فإن على الجيش أن يسمح بالشفافية في إجراءات التحقيق، وأن يسوّغ كل حالة قرر فيها إنهاء التحقيق، وأن يسمح بإجراء رقابة خارجية ومستقلة على قراراته."

هذا، وقالت مصادر مسؤولة في قيادة الجيش الإسرائيلي، تعقيباً على هذا التقرير، إن سبب إلحاق أضرار بجزء من السكان المدنيين الفلسطينيين يعود إلى سلوك المنظمات الفلسطينية "الإرهابية"، التي أطلقت النار على إسرائيل من أماكن مجاورة لبيوت السكان، ودفنت مواد تفجيرية داخل البيوت، وغير ذلك.